في الوقت الذي تجاهلت فيه وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية قرارات السيد  وزير التعليم بإلغاء بعض قصص البطل صلاح الدين الأيوبي، والقائد العربي الكبير عقبة بن نافع من المدارس، كأن لم تسمعها، بما يوحي أن وراء الأكمة  ما وراءها، فإن مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بالتعليق على هذه القرارات التي ظاهرها الوطنية والوسطية، وباطنها الاستسلام والتبعية.

في البداية رأي الناقد الكبير د. الطاهر أحمد مكي الأستاذ بكلية دار العلوم أن ما أقدم عليه السيد وزير التربية والتعليم ما هو إلا مخطط قديم يهدف الى حذف المناهج التي تحض على البطولة والفروسية والشجاعة، مشيرا الى أنهم من قبل حذفوا كتاب العقاد الذي كان مقررا على المدارس الثانوية "عبقرية  خالد".

وأضاف د. الطاهر أنهم يبحثون عن المناهج التي تربي الشباب على الميوعة والخناعة والاستسلام.

من يدافع عن البلد؟وتساءل د. الطاهر ساخرا:من الذي سيدافع عن البلد ونحن شئنا أم أبينا يحيط بنا الأعداء من كل جانب: شمالا وجنوبا وشرقا وغربا؟

وأضاف د. مكي: نيتانياهو قال في الكونجرس إن إيران أصبحت تدير عواصم 4 دول "سورية، العراق ، لبنان، اليمن"، وتزحف الى باقي الدول".

وكرر د. مكي سؤاله حزينا : من يدافع عن البلد  إذا لم نرب في الشباب روح الشجاعة والعزيمة والجهاد؟!

وخاطب د مكي  وزير التعليم متسائلا:ومن أدراك أيها الوزير أن حذف هذه البطولة سينهي روح البطولة في نفوس الشباب ؟ ألا يدفعهم ذلك الى نصوص يختارونها هم وتكون نصوصا أشد قسوة وأقل استنارة؟!

واختتم د مكي حديثه مؤكدا أنه بصدد إخراج مؤلف له بعنوان "صلاح الدين الأيوبي في الأدب الأوروبي الوسيط" خلص فيه الى أن الأوروبيين يجعلون من صلاح الدين مثالا للشهامة والبطولة والمروءة، وتذهب بعض أساطيرهم الى أن صلاح الدين اعتنق المسيحية، ويحاولون سرقته منّا.

وأنهى د. الطاهر قائلا: هم يسرقونه منا، ونحن نحذفه من نصوصنا، إنها جريمة في حق التاريخ والوطن.

استجابة لمخطط قديمأما د. عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث، فيرى أن  ما أقدم عليه وزير التعليم ، ما هو إلا استجابة للنظام العالمي الجديد الذي بدأت الولايات المتحدة تنادي به في بداية التسعينيات، مشيرا الى أن الحكومة الأمريكية ترى أنه يجب  تخفيف دراسة البطولات التاريخية في مناهج التاريخ، لأن البطل - برأيهم - عند شعب، هوعدو لشعب آخر.

وأشار د. الدسوقي الى أن الفيلسوف البريطاني الشهير برتراند راسل  كان عضوا في المنظمة العالمية للثقافة، وهي المنظمة التي أسستها المخابرات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية عام 1947 بهدف قيادة العالم، مشيرا الى أن رسل ألف كتابا بعنوان "حكومة العالم" ذهب فيه الى أنه من الممكن أن يخضع العالم كله لحكومة واحدة ويندمج بعضه مع بعض دون كراهية، ولكي يتحقق ذلك لابد من تخفيف الوطنية والقومية، ومظاهر البطولة  من المناهج الدراسية.

وأضاف د عاصم أن وزارة التربية والتعليم في مصر استجابت لهذا التوجه الأمريكي ، وذلك في عام 1994، عندما قررت أن تكون مادة التاريخ اختيارية وليست إجبارية، ولم يختر التاريخ حينذاك إلا 10 % من الطلاب  على مستوى الجمهورية، الا أن  وقوف بعض المثقفين ضد هذا القرار وفي مقدمتهم د نعمات أحمد فؤاد حال دون  تنفيذ القرار، فتراجعت الوزارة عنه.

واختتم د . الدسوقي حديثه  معتبرا أن قرار وزير التربية والتعليم الأخيرا بحذف قصص صلاح الدين وعقبة بن نافع ما هو الا استجابة للتوجه الأمريكي القديم الذي يسعى للقضاء على أي مظهر من مظاهر البطولة الوطنية أو القومية عند الطلاب، ومؤكدا أن التاريخ  في هذه الحالة سيكون مجرد سرد حوادث دون تركيز على بطولات.

وأنهى د عاصم قائلا:التاريخ سيبقى هو التاريخ، ولا يمكن التلاعب به تحت أي دعوى من الدعاوى.جريمة لا يمكن السكوت عليهاأما د. محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، فقد فوجئ  بهذا القرار، وكاد لا يصدقه، ووصف قرار الوزير بأنه جريمة وفضيحة لا يمكن السكوت عليها، مشيرا الى أنه لم سيتكلم مع شيخ الأزهر في هذا الأمر الجلل.