أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا فريدا من نوعه ينص على أن الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني ،وأن على إسرائيل الإنسحاب من كافة الأراضي التي احتلتها عام 1967،وإيقاف بناء المستوطنات، وإعادة الأراضي والثروات التي تم إستغلالها طوال فترة الإحتلال لأراضي الضفة الغربية.

بالرغم من ان هذا القرار جاء متاخرا سبعة وخمسون عاما من إلإحتلال للضفة الغربية ،وأنه لم يطالب مجلس الأمن باتخاذ الخطوات الضرورية لتنفيذ ما جاء في قرار المحكمة ،وأنه جاء بعد حرب ضروس وتدمير ممنهج دام لأكثر من تسعة أشهر، والذي اكل الأخضر واليابس ،وبالإضافة إلى أن الدول العربية لم تحرك كانظمة ساكنا فعليا بإستثناء عضلة اللسان التي تعودت على الردح والإستنكار والتنديد واللطم ،وبالرغم انه لم يبقى اي إحترام لا لحقوق الإنسان ،ولا لحقوق المرأة، ولا لحقوق الطفل ولا لأي حق للشرف والعرض ،كما لم يتبقى اي إحترام لمؤسسات الأمم المتحدة ووكالات الغوث ولا لمنظمات الصحة العالمية ،تخرج علينا الولايات المتحدة الأمريكية عنوان (الديموقراطية) في العالم ، بتصريح أن هذا القرار سيعقد الجهود الرامية لحل الصراع وتحقيق السلام العادل والدائم، والمتمثل في وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن.

لا أعلم هل بلغ الأمر بالكاوبوي الأمريكي حد إستهبال الشعوب وكأنها لا زالت تعيش حقبة الستينات واواخر القرن العشرين ،حيث حبوب الهلوسة متمثلة في أنظمة حكم تارة ثورية واخرى ملكية وثالثة كونية، تنام على دغدغة المشاعر بالحرية والاستقلال والديموقراطية ،التي ارادها الغرب مفصلة على قياس مصالحهم الإستعمارية.

تصرح أمريكا الحرية بأهمية قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل
ولكن في المقابل كان الفيتو الأمريكي بالمرصاد لأي محاولة في إصدار قرارات تدعم صمود الشعب الفلسطيني ، وتنادي بالإعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، بل إن طروحاتها في إقامة هذه الدولة متناغمة مع متطلبات مفهوم الأمن الإسرائيلي، والذي يشمل سيطرة أمنية على حدود الدولة العتيدة،واقتصادا مرتبط تماما بالاقتصاد الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وسياسة خارجية لا تسمح لهذه الدولة بأن تعقد اي اتفاقيات ثنائية بين فلسطين واي دولة خارجية ،إلا بعد مرورها من اروقة الخارجية الإسرائيلية والتي تخضعها بدورها لأجندتها ومصالحها بالدرجة الاولى.

وهي كذلك ممنوعة من التصرف في ثرواتها النفطية والمائية وغيرها ،لأن ذلك فيه إضرار بمفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، ولا ننسى أيضا أنها دولة منزوعة السلاح ،إلا من بنادق واسلحة خفيفة لضبط الأمن الداخلي والمقصود هنا فصائل المقاومة الفلسطينية.

عيون العم سام تراقب جودة اسلحتها، من طائرات وصواريخ وقنابل تصل زنتها لأكثر من 2000كغم ،في ساحة مكشوفة لا جبال ولا انهار ولا مغاور، وكأنها ساحات مناورات بالذخيرة الحية والتي حصدت كل ما يدبّ على هذه الأرض من إنسان وشجر وحجر.

السياسة الأمريكية قائمة على النفاق الأممي، حيث يد تربتُ على كتف ،والأخرى تسيل منها شلالات من دماء الأبرياء، الذين قتلوا بواسطة السلاح الأمريكي، سواء في العراق أو سوريا ولبنان وفلسطين والسودان والقرن الإفريقي وغيرها من دول قامت على اكتاف السلاح الأمريكي، ودول تجددت بفعل السلاح الأمريكي، وهو سلاح لم يكن بخدمة المستضعفين في الأرض، وإنما كان وبالا عليهم ، حيث أحرقوا بلهيب نارها.

النفاق الأمريكي حال ويحول دون دخول المساعدات الطبية إلى أكثر من 8000 آلاف طفل دون سن الخامسة والمصابون بسوء التغذية الحاد،بالإضافة إلى عدم إدخال المواد الطبية البسيطة اللازمة لمعالجة بعضا ممن يحتاج التى تلكم المساعدات ،ولا ننسى منع دخول المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المستشفيات والمخابز ومحطات تحلية المياه وما إلى غير ذلك مما لا يمكن من دون توفرها الإستمرار في الحياة البدائية التي اعادها اليه ممثل الديمقراطية في الشرق الأوسط وعنوان قذارتها هناك.

خرج علينا بايدن في مقابلة يتفاخر فيها باعماله الخيرية اتجاه فلسطين والفلسطينيين ،ولكن ما حصل انه الرجل الأول الذي إجتهد على ديمومة القتل والنزوح الجماعي داخل غزة .

هذا النفاق الأمريكي تمثل خنجرا مسموما طعن بإستمرار الشعب الفلسطيني بل والشعوب العربية في ظهرها ،ويكفيه أن سلاحه قتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال والرجال والشيوخ ،كما دمر المستشفيات ودور العبادة والطرقات والعمارات والمدارس والحدائق، نعم لقد آباد ولا زال يبيد عبر قنابله شعبا بل شعوبا عديدة كانت تبحث عن الحرية والديمقراطية .

لكن هيهات .....هيهات ....أن تتغير السياسة الأمريكية القائمة على النفاق ،والذي يحمي المعتدي من تبعات سلوكه الإجرامي القائم على ثقافة الكاوبوي الذي بديمقراطيته أنهى قبل ذلك عشرات الملايين من الهنود ،أصحاب الأرض الحقيقيون ولم يرعى فيهم إلاًّ ولا ذمة .

النفاق الأمريكي سيقود المنطقة إلى حرب دموية رهيبة ، ستسبق معركة الهار مجيدو ،في كل من سوريا والأردن ولبنان وفلسطين، وذلك ضمن السعي الأمريكي ليمينها الانجلو صهيوني ،من أجل التمهيد لهبوط المسيح ورفع راية الرب الكبرى .

قال تعالى :(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )

أبوسليمان