مازالت الولايات المتحدة الدولة النووية العظمى ، ورفيقاتها الأوروبيات ، يذرفن دموع التماسيح على دماء الشعب الفلسطيني المظلوم في انسانيته وحقوقه التي اقرها الله له كما لغيره من الشعوب المقهورة في كافة الكتب السماوية ، والقوانين الوضعية ، ولم تُرِد هذه الدول النووية ولا اقول انها لم تستطع ، أن ترفع الظلم وحالة الإِبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ، منذ مائة سنة وحتى هذه الساعات التي نعيشها أمام شاشات التلفزة.
الدولة العظمى أمريكا لم تتخذ قرارا إستراتيجيا برفع الظلم عن أهل غزة وإنجاز حملة المساعدات الإنسانية ، سواء كان في الغذاء أو الدواء أو اللباس أو الشراب ، عبر الطرق البرية من خلال معبر رفح ، أو كرم ابوسالم ، واستطاعت بقرار يحمي المصالح الأمريكية في المنطقة ، إقتصاديا وسياسيا وعسكري، أن تنزل المساعدات مبدئيا عبر الجو وبمشاركة طائرات اردنية مصرية فرنسية وأمريكية بطبيعة الحال ، ولكنها لم تغني البطون الجائعة منذ أشهر طويلة ، لا نوعا ولا كمّا ، هذا بالطبع ماوصل منها إلى شاطئ المنكوبين ، أو إستطاع أن يصل اليه المظلومين في وسط البحر القريب من شاطئ طروادة.
ونتيجة لهذه العبثية في إسقاط المساعدات ، كان لابُد من تفعيل الخطط الأمريكية الاستراتيجية، والتي تبلورت بما أعلنت عنه الأقمار الصناعية الأمريكية والعالمية ، وماتبع ذلك من دراسات علمية جيولوجية ، والتي وصلت إلى نتيجة مفادها ، أن بحر وشواطئ غزة ، يعومان على كنز إستراتيجي من الغاز ، تبلغ إحتياطاته في التقديرات الأولية ما يصل إلى أكثر من تريليون قدم مكعب من الغاز ،والذي يصل في قيمته السوقية إلى تريليونات من الدولارات ، بالإضافة إلى النفط وكمياته التجارية ، وهذا كله يعادل ما يوجد من إحتياطات في لبنان وسوريا والأردن وباقي فلسطين .
هذه المعلومات جعلت الولايات المتحدة تنتقل إلى المرحلة الثانية من تسليط الضوء على مظلومية الشعب الفلسطيني ، واستغلال هذه المظلومية ، بالإعلان عن المباشرة بإقامة ميناء بحري في منطقة المارينا على شاطئ غزة ،بهدف مُعلن يقول بتسهيل وصول المساعدة الإنسانية إلى الجائعين عبر القوافل البحرية، والتي بطبيعة الحال لا تشكل بديلا فعالا عن القوافل البرية التي تعتبر الأفضل والاسرع في توصيل المساعدات .
لكن الأهداف الأخرى هي محض إستعمارية ، تتجلى في حفظ أمن إسرائيل بوجود قاعدة أمريكية متقدمة على أرض غزة ، وهذه بطبيعة الحال تشكل جزء من وسائل إقناع إسرائيل بقبول دخول المساعدات بشكل أكثر إنسيابية ، ثم يكون هذا الوجود الأمريكي وسيلة فعالة ، لتحقيق حلم إسرائيل في إقامة قناة بين البحر الأحمر تبدأ من منطقة إيلات،وعبر الأردن في منطقة الاغوار وصولا البحر الأبيض المتوسط على حدود غزة في منطقة عسقلان، الأمر الذي سيجعل من قناة السويس اقل شأنا من ناحية العبور بين البحرين ، أمام قناة بن غوريون ، التي ستستقطب التجارة العالمية عبر هذه القناة ، وبالتالي التطبيع الإنسيابي لباقي المنظومة العربية والإسلامية ، مما يحقق لإسرائيل امنا سياسيا وإقتصاديا وعسكريا.
ثم يكون الهدف المخفي الآخر ، وهو سيطرة الولايات المتحدة على اكبر ثروة إقتصادية ظهرت حتى الآن في القرن الواحد والعشرين ، مما يجعلها ومن مشوا في ركابها من الدول الأوروبية والطبع إسرائيل المستفيدة الأولى وبحصة الأسد ، تملك الرقم الصعب في المنظومة الاقتصادية العالمية ، بل وتعتبر من أهم وسائل التحرر من سيطرة المنظومة الخليجية والعربية والإفريقية التي تتحكم بمعظم الاحتياطات النفطية والغاز في العالم .
ميناء غزة الذي بدأت الإنشاءات فيه بدموع التماسيح في البيت الأبيض وباقي العواصم الإستعمارية الأوروبية ، لم يكن إلا استفادة من درس حصان طروادة ، وليُشكل حصان طروادة القرن الواحد والعشرين، والذي سيُسقط ما تبقى من عِزّة الأمة وكرامتها .
ولكن هل سينجحون في مخططاتهم؟
القول الفصل عند الله
(حتى إذا إستيأس الرُّسُل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا ....)
لاغالب إلا الله.
17/03/2024 11:14