لعله من السابق لأوانه ، تحليل الأحداث التي تجري في جنوب فلسطين ، ولكن لا بد لنا من وقفة أمام ما يجري .

رئيس وزراء إسرائيل كان منذ أوائل القرن العشرين يسعى من أجل تحقيق اتفاقية سلام مع المملكة العربية السعودية ، والتي طرحت بدورها المبادرة العربية في قمة بيروت ، والتي كانت بين مد وجزر إلى جاء عهد الملك سلمان أمد الله في عمره وجعله مفتاحا للخير وولي عهده سمو الأمير محمد الشاب الواعد الذي أراد أن يصنع عهدا جديدا وانقلابا تاريخيا على معظم ماهو متعارف عليه داخل المملكة العربية السعودية ، ولن أخوض فيما هو مقبول أو غير مقبول ، فاهل مكة ادرى بشعابها .

ولكننا على المستوى السياسي والإقتصادي الداخلي والإقليمي، عرف ان تقدمه يتطلب إعادة توجيه البوصلة عربيا وإسلاميا نحو السعودية ، وهذا يتطلب استغلال المال وتوجيهه جيدا نحو ما يخدم مصالح السعودية القومية ودون عواطف ،بالإضافة إلى التأسيس لمنظومة أمنية تشكل مظلة للأمة العربية والإسلامية ، فهي حامية الحرمين الشريفين ، ولا بد أن يمشي على خيط رفيع يحقق مايصبو اليه من زعامة إقليمية،تقف ندا أمام إيران النووية والتي اشك انها نووية أو تسعى لذلك بالمفهوم العسكري وهذا موضوع آخر ،و خصوصا بتنحي عراق صدام ، ومجيئ عراق الملالي والخضوع لإيران.

وهذا يعني الحصول على قدرات نووية محدودة يرضى عنها الغرب وتكون مقبولة في إسرائيل التي ترى أن السعودية تشترك معها في الحذر من إيران النووية .

هذا بالطبع لن يكون مكتملا دون إيجاد تسوية للقضية الفلسطينية تكون مقبولة عند المعارضة الفلسطينية قبل السلطة في رام الله،وحتى يتم ذلك لا بد مما يلي:

اولا/اي إتفاقية يجب أن تبدأ بحسن النوايا من جانب إسرائيل، مثل إيقاف بناء المستوطنات .

ثانيا/التأكيد على أن إيجاد تسوية للقضية لا يمكن دون الإعتراف بمشروع الدولتين ، والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة .

ثالثا/من أجل تحسين النوايا أيضا، تشكيل وفدين من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ودون إعتراض على المشاركين في الوفد من كلا الطرفين.

رابعا/هذه المفاوضات ستشمل آلية لإطلاق الأسرى من الجانبين، وإيجاد السبل الكفيلة بتحقيق الأمر .

خامسا/إعادة التأكيد لحق العودة إلى فلسطين التاريخية ، وبحث طلبات إسرائيل في هذه القضية

سادسا/العمل على تسليم السلطة الفلسطينية، المتناغمة مع هذا المشروع، باقي الأحرف الإنجليزية من اقاليم الضفة اليها ، ووفق آلية ترضي جميع الأطراف.

سابعا/مدة التفاوض ليست مفتوحة ، ولكن محدودة ، فالزمن لم يعد يحتمل مدد طويلة أو تسويغات لأن ذلك لم يعد مقبولا .

ثامنا/تقوم المملكة العربية السعودية بتسخير إمكانياتها ومكانتها الإقليمية بتحقيق التوافق العربي والإسلامي على هذه الخطوات ، وما سينتج من تلك المفاوضات وبموافقة الفلسطينيين بكل شرائحهم قدر الإمكان.

هذا الأمر لن يكون سهلا بوجود حكومة يمينية متطرفة تحت رئاسة انتن ياهو ، وكذلك معارضة بعض اليساريين على هذا الطرح ، وبالتالي إقناعهم لن يتم حتى قيام الساعة.

في ظل هذا التخبط السياسي ، لا بد من عمل ما يدفع بإتجاه الحل السلمي والقواعد المطروحة .

جاءت العملية العسكرية المذهلة من غزة ، والتي أذهلت ليس فقط أجهزة الأمن في إسرائيل ، وإنما أذهلت العالم كله ، الذي فوجئ بمباغتة جيش يعتبر الأفضل بالعالم.

نتائج هذه المباغتة العسكرية المحترفة ، بالقدر التي أثارته من حزن داخل الشارع الإسرائيلي، إلا أنها ربما تحقق مايصبو اليه السياسيون من تحقيق المطالب السعودية قدر الأمر الذي يتنازل فيه صاحب التوراة عن إيمانه ومسلماته بشأن فلسطين وسوريا والأردن والعراق وخيبر ،ويتنازل العرب والمسلمون عن بعض معتقداتهم وهذه أيضا عليها علامة استفهام كبيرة.

لذلك قد تكون هذه المعركة سببا لتفعيل المستحيل ، خصوصا ان أحداث المعركة وردود الجيش الإسرائيلي المتأخرة مثيرة للتساؤل وتحتاج إلى تحقيق موسع كما أشار إلى ذلك بعض السياسيين والعسكريين الإسرائيليين. 

وهنا تأتي القدرة والإبداع السياسي على إقناع الجميع على أن واحد زائد واحد يساوي إثنان، وليس أن يكون الطرف الثاني صفر وتبقى النتيجة واحد.

على أي حال المعركة لا زالت في بداياتها، والنتائج تحتاج إلى تحليل أوسع ووضع النقاط على الحروف.

والله غالب على أمره