فوزي مخالفة (18 عاما) ومحمد البايض (17 عاما)،شهيدان من الجيل الذي نشأ في عصر إتفاقية أوسلو السيئة الذكر ، وهو الجيل الذي كان الإحتلال يُعَوّلُ عليه ، أن يكون جيل الإستسلام والتسليم والخضوع والتفريط ، جيل كانت تبني عليه سلطة أوسلو ،أن يكون اساس نظامٍ عربي جديد يكون إستمرارا للأنظمة العربية الإستسلامية في المنطقة ، والتي جاءت أيضا كنتيجة اتفاقيات إستعمارية في سايكس بيكو ، وسان ريمو ، ومؤتمر القاهرة ووعد بلفور.

كان جيل حقبة أوسلو كجيل الحقبة التي جاءت في أعقاب إكتمال سقوط فلسطين في أعقاب حرب عام 1967، جيلا قام على المقاومة والنضال والدفاع عن فلسطين كل فلسطين التاريخية بحدودها المخطوطة منذ فجر التاريخ.

لم تستطع أوسلو أن تقدم فلسطين لأبنائها دولة كاملة متكاملة ، ولكنها قدمت فلسطين للإحتلال مفروشة بالبحار والأنهار والجبال والينابيع والثروات النفطية والزراعية والبحرية، بل وبالأنفُس خدماً وحُماةً للعدو وأطماعه من الفرات إلى النيل.

لقد جاءت شهادة هؤلاء الأبطال ، كي تسطر أرجوزة النصر ، على كل أدوات الإستسلام وعملاء الإحتلال ، وأثبتت أن الكف يستطيع مناطحة المخرز ، مهما كان الكف نحيفا وكان المخرز بحجم أمريكا ومدللتها الصهيونية ، ومن تابعهم من شواكيش الطرق ومسامير الإستعباد، وخيوط الذل والعزيمة التي نمت وترعرعت على الخيانة والخديعة والإستسلام.

نحن أمام صورة نضالية تجسد إحمرار الدم الفلسطيني وإرتباطه بكل فسيفساء فلسطين ، من شجر وحجر ، من خربة وقرية ومدينة ، من عالم ومتعلم وعامل.

فلسطين تخبرُ أنها ليست موءودة، ولا يتيمة أو مطلقة أو ارملة ، وليست تلك التائهة في الطرقات تبحث عن باقي لقيمات موائد التجار في أوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة ، وانها ليست الطريدة، التي تتحسس الأمن وتبحث عنه في تنسيقٍ أمني ومعاهدة عسكرية ، وتطبيعٍ ابراهيمي ، إنها ليست تلك التي تبحث عن الكفاف في قطعة أرض هنا ، وممر آمنٍ هناك ، ومقبرة فيها القدس قد دفنها المناضلون بين الشرق والغرب.

أبناء فلسطين يحملون الراية في يد وفي الأخرى مقلاع وورقة وقلم وقضية، وإيمان راسخ بعدالة الدماء التي تسيل من أجلها، ولأجلها تُقدّمُ الأنفس رخيصة فيها جمال التضحية والفداء .

مادام هناك إمرأة تحمل رَحِما ، وفي الرّحِمِ هناك فوزي ومحمد وأحمد وعلي وطارق ورائد وعمار وجهاد ، وفيه أيضا ليلى وروان وفاطمة وعائشة 

فلا يمكن إلا أن تستبشروا خيرا
فلاغالب إلا الله