ابو عبدالله الصغير ، آخر ملوك غرناطة ، كان قد وقع في الأسر عند القوط ، ثم خرج بعد أن تعهد بالتبعية لفيرداند وإيزابيلا ، إلى أن سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس ، وقام بتسليمها، وعندما خرج منها باتجاه المغرب ، نظر خلفه وبكى ، فقالت امه قولتها المشهورة تبكي مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال.
ما أشبه اليوم بالبارحة، فالسلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها ، وببطانته الفاسدة ، طوال ثلاثين عاما، من التنسيق الأمني ، وتسليم المقاومين ، واعتقالهم ، وضرب المقاومة ، لصالح المشروع الصهيوني ، المنبثق من المحفل الماسوني العالمي ، وبعد مرور خمسة وسبعون عاما من الذبح والتشريد والتجهيل والجرح والأسر والتيتيم والترميل ، والهدم.
وصلنا بالأمس في ذكرى النكبة ، إلى إستجداء أوروبا وأمريكا والعالم أجمع ، وذلك على طاولة اللئام المنصوبة في اروقة الأمم المتحدة حيث جلس رئيس السلطة يبكي العالم أن يحميه ، ويشبهنا بالحيوانات التي تطلب الحماية.
نعم بوجه الذل والسقوط ، يجلس وقد ذهب حياء المناضلين من وجهه، يطلب الحماية ، ممتهنا كرامة شعب يحمل على عاتقه تحرير فلسطين التاريخية ، مهما تعرض للنكبات والقتل الممنهج.
هذا الذل الذي انتهجه قائد النضال السلمي ، يرسم حجم التآمر والتقاعس والتواطأ ، الذي شاركت فيه السلطة الفلسطينية ، في دعم الرؤية الصهيونية القائمة على احتلال أرض فلسطين ، وتدمير وحدتها ، وضرب آمال الشعب الفلسطيني في الوصول إلى حقوقه التاريخية على أرضه التاريخية .
نعم أبوعبدالله الصغير يتكرر في فلسطين تحت مسميات عصرية وأفكار إحتلالية ، وتسويات إستسلامية انهزامية مقيتة.
خمسة وسبعون عاما ولم تبقى جريمة إلا وارتكبها هذا المحتل المجرم، وقدم خلال ذلك الشعب الفلسطيني ، الكثير من التضحيات على عتبات المقدسات، ولم ينجح في إنتاج قيادة فلسطينية تحمل النخوة والكرامة، وأفضل ما اوجدته هذه التضحيات للأسف الشديد ، هو نسخة ثانية من أبوعبدالله الصغيرالذي يحمل دموعه في عينيه ، وجبنه في قلبه، وخوره في جوارحه.
فلا حول ولا قوة إلا بالله .
17/05/2023 11:16