هل تتذكرون بيت الشعر لنزار قباني عندما رد على فيروز عندما غنّت أجراس العودة فلتقرع 
كان رد نزار قباني عليها في قصيدته التي تم تصنيفها من بين الممنوعات ، والتي قال فيها:

عذرا فيروز أقاطعك ... أجراس العودة لن تقرع
خازوقٌ دُقّ بأسفلنا 
من شرم الشيخ إلى سعسع

لقد إجتمع الجلادون في شرم الشيخ ، وتمت المساواة بين السفاح والضحية ، في معادلة تتكرر إحداثياتها منذ عشرات السنين .

والعجيب أننا شركاء في هذا العهر السياسي ، الذي يجعل من الشعب الفلسطيني شريكا في جرائم القتل الصهيونية اليومية ، ولا تقل مسؤوليته عن مسؤولية الجيش الإسرائيلي ، في توتير الأوضاع في المنطقة.

لقد حمل البيان الختامي وجهة النظر الصهيونية القائمة على اتهام الفلسطينيين ، بأنهم جزء من حالة الفوضى الأمنية في الضفة الغربية ، فجعل البيان الختامي الدور الفلسطيني مهما في إعادة الهدوء إلى الساحة الفلسطينية ، من خلال جعلهم شركاء مع الصهاينة ، في خلق آلية تعمل على الحد والتصدي للعنف والتحريض والتصريحات التي تساهم في إشعال المنطقة .

الفلسطينيون الذي يعيشون يومهم بصعوبة ، وتحت حراب المستوطنين 
الذين يعبثون ليل نهار في أملاك الفلسطينيين وتدمير أراضيهم وحرق بيوتهم وقلع أشجارهم وقتل أطفالهم ، مطالبون بالتهدئة، والرضوخ للأجندة الصهيونية ، تحت مُسمى الحلول والإتفاقيات السابقة واللاحقة. 

كما جاء في البيان الختامي أن إسرائيل والسلطة تتعهدان وقف الإجراءات الأحادية من كل طرف ، ولست أعلم أي إجراء إضافي أحادي قام به الشعب الفلسطيني ، الذي لا يملك بين يديه إلا إرادة الصمود ، فإسرائيل هي من ضربت بعرض الحائط كل الاتفاقيات الموقعة ، وأسقطت إتفاقية أوسلو ، وقتلت المناضلين في كل بقاع فلسطين.

كما أنها أيضا عملت على بناء عشرات الآلاف من المستعمرات ، وضيقت الخناق على مدن وقرى الضفة الغربية، واقتحمت المسجد الأقصى ، ومقابر المسلمين والمسيحيين ودور العبادة ، وحرقت الزيتون واقتلعت الأشجار ، وأحرقت الأخضر واليابس.

وحكومة إسرائيل هي من أدخلت عبارات التحريض على الشعب الفلسطيني ، وبوجود أمثال بن غبير وسيموترتش العُنصرين الأشد فتكا والأشد ارهابا في فلسطين داخل الحكومة الإسرائيلية التي تنادي زورا وبهتانا بنبذ العنف.

كما جاء في بيان الخزي في شرم الشيخ ، أن إسرائيل ستلتزم بوقف مناقشة بناء أي وحدات استيطانية جديدة ، فماذا بشأن المستوطنات التي صدرت تراخيص البناء لها ، والتي تبنى بالفعل والتي تصل إلى عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في القدس ومنطقتها ، 

كيف تُوقع سلطتنا الباسلة، على إتفاقية أمنية ، نكون فيها شركاء في الجريمة ، والتعهد بإستمرار التشاور والتنسيق الأمني وعلى أعلى المستويات ، من أجل إستمرار الهدوء ، وخصوصا أننا على أبواب رمضان ، الذي قامت إسرائيل بشيطنته ، وأنه شهر الإرهاب ، وبالتالي التعميم أن قتل الفلسطيني هو جزء من عملية التطهير الإسرائيلي ، لكل من يقاوم لأجل فلسطين .

المطلوب عربيا وأمريكيا وإسرائيليا من الفلسطينيين تعزيز الثقة لدى الجانب الإسرائيلي ، من خلال سلطة فلسطينية قادرة على القيام بمهماتها الأمنية في تعزيز أمن الإسرائيليين ، 
وحفظ حدود المستوطنات ، والضرب بيد من حديد على كل من تُسول له نفسه بأنه قادر على المقاومة .

معنى ذلك أن شرم الشيخ رسّخ الوضع القائم في فلسطين ، على ما هو عليه ، من عربدة إسرائيلية أخذت طوق النجاة من ترسيم تقصير الأجهزة الأمنية الفلسطينيةفي حفظ الأمن داخل المناطق الساخنة وخصوصا في نابلس وجنين ،ولولا ذلك ما حدث قتل ولا حرق ولا ما يحزنون.

بفضل الرعاية الأردنية المصرية الأمريكية وهي رعاية محسوبة المصالح لكل طرف من أطراف الرعاية، واستجداء السلطة الفلسطينية للهدوء وعدم إحراج القيادة الفلسطينية دائما بالخزي والعار من قبل قطعان المستوطنين ، الذين بقدر الله يحطمون الدعاية التي قامت عليها السلطة الفلسطينية ، وهي الأمن والرخاء الإقتصادي الذي كان سيؤمنه إتفاق أوسلو ، لو خضعنا للرأي الصهيو أمريكي الأوروبي العربي التطبيعي الموحد.

هذا البيان الختامي ما كان منه معلنا وما كان منه مختبئا في جيوب المناضلين، لا يحمل بين طياته إلا الخزي والعار للذين فاوضوا ويفاوضون عن الشعب الفلسطيني ، والذي يرفض بدوره إلا أن يكون حِبر التاريخ في المقاومة المُشرّفة ، بل وحرق كل المراكب ، التي دخلت إلى فلسطين فارغة وامتلأت من دماء المناضلين الشرفاء ومن عذابات الأسرى والمضطهدين .

سينطح كف الشعب الفلسطيني مخرز الطامعين في فلسطين ، وسيجعل من هذا المخرز ، سلاحا يفقأ من خلاله عيون الطامعين بحفظ عروشهم وكراسيهم وأعلامهم التي لا زالت منكّسة منذ خرج أبوعبدالله الصغير من الأندلس ، وسقطت الخلافة العثمانية ، وسقطت إثرها أقاليم العرب من الصين الى السوسن ، ومن شرم الشيخ إلى سعسع .

لا غالب إلا الله.