
ما يجري في أروقة السياسة العربية والفلسطينية الأردنية على وجه الخصوص ، لا يوجد له وصف إلا أنها سياسة الإفلاس الناجمة عن عدم القدرة على إتخاذ المواقف الوطنية المُشَرِّفة ، والمنسجمة مع تاريخنا العربي والإسلامي الرافض للذل وتدنيس الكرامة العربية.
بأي وجه يجتمع هؤلاء الذين لم يعُد لهم أي إعراب في قاموس الوطنية والشهامة والكرامة الوطنية.
مازالت المذابح ممتدة من جنين إلى نابلس إلى القدس ، مدعومة بحكومة يمينية متطرفة ، تعلنها جهارا نهارا ، أنها آتية للذبح والطرد والقتل والتشتيت والهدم وإلغاء الوجود وكل ذلك في حق الشعب العربي الفلسطيني المرابط على أرضه رغم كل المؤامرات التي حيكت ضده.
كما أن عمل اليمين مدعوم بسلطة تسمى فلسطينية ، لا نقول عنها عاجزة عن التصدي للإحتلال وعربداته ، بل نقول أنها سلطة قد فقدت حِسّها الثوري الذي جاءت على ظهره ووفق شعاراته الرنّانة.
ما يحدث في العقبة هو في الحقيقة محاولة لحفظ الكراسي من أن يتم سحبها وتحطيم أرجلها ، ووقوع الذين تم إجلاسهم عليها منكفئين على وجوههم ، التي أصبحت بشكل لا يقبل الشك يعلوها الخزي والعار والشنار.
لم يجف الحبر المغشوش في العقبة ، والذي حملته أقلام مأجورة حتى أعلن النتن ياهو وحلفائه اليمينيين، عن الإستمرار في عملية شرعنة البؤر الإستيطانية ، وتوسيع أخرى، دون الإلتزام بوثيقة العقبة المشبوهة ، بل أوضح إجتماع العقبة أنه طوق نجاة للإحتلال ولعملائه ، وإعطائه الضوء الأخضر للاستمرار في سياسة الذبح المنظم ، الذي تعلمه الجلادون الإسرائيليون من أجدادهم الذين عايشوا المذابح المنظمة ضدهم في روسيا ، وأورثوها للأبناء والأحفاد، الذين بدورهم لم يألوا جهدا في تنفيذ سياسة البطش والتنكيل بأبشع صورها.
بل وتم بعد بيان العقبة الفاقد للشرعية الوطنية ، إقرار الحكومة الإسرائيلية لعقوبة الإعدام بحق الباحثين عن حقوقهم الوطنية والتاريخية في أرض فلسطين السليبة.
كان التعبير الصادق عن توجهات الشعب الفلسطيني ، في رفض مسرحية العقبة ، هو ما جرى في بلدة حوارة قرب نابلس ، في محاولة ٍ لإسماع صوت جماهير الأرض المحتلة الرافض لمسخرة التمثيل الفلسطيني ، الذي لا يُمثّل في حقيقة الأمر ، إلا جيوب المنتفعين ، الذين تحصنوا بالتنسيق الأمني مع الإحتلال ، ورهنوا وجودهم به ، بل ويعملون ليل نهار على دعم وتمكين عمالتهم بمجموعة مغرر فيها من شباب فلسطين الذين يبحثون عن لقمة العيش ، يتم تدريبهم في الصحراء الأردنية على يد أجهزة دايتون ، من أجل حفظ مصالح الإحتلال والمنتفعين من وجوده .
لعل حوارة أرسلت صيحةً عالية ، أن الحل ليس في العقبة ، وليس خارج حدود فلسطين ، وإنما في إيجاد قيادة فلسطينية وطنية ، لا تحمل أجندات منفعية خاصة ولا للغيرها ، ولا هَمّ لديها إلا فلسطين بكامل حدودها التاريخية وتضاريسها الجغرافية .
لا يمكن للعقبة أن تقبل أن يوضع إسمها في التاريخ على أنها المكان الذي يتم فيه التآمر على فلسطين وحقوقها التاريخية ، ولايمكن للعقبة أن تكون مركزاً للتآمر الأمني والتنسيق الإستخباري على أماني الشعب الفلسطيني في الحرية والتحرر من رقبة الإحتلال.
وهنا كان لا بدّ من رسالة يرسلها الشعب الفلسطيني للمتآمرين والتي حملت هنا توقيع حوارة تقول فيها:
أن العقبة تحمل إسمها ولا يمكن أن تكون سهلا ومرتعا خصبا للإحتلال وزبانيته.
وأنه مهما إستغلوا أرضك يا أخية ، فأنت من نعرف في صمودك أمام كل المؤامرات التي التي حيكت على أرضك وبحرك وثبات جبالك.
وأن الحل لا يكون في الغرف المغلقة ، وإنما في الجبال والسهول والوديان والشوارع والحارات والقرى والمدن، حتى يرضخ المحتل ويعلم أن هناك حقوق لا بد من تأديتها،ويعلم أصحاب التنسيق الأمني أن الحقوق يتم إنتزاعها إنتزاعا ، وليس مِنّةً ولا تفَضُّلا من أحد .
كما أشارت قمة حوارة ، أن التنسيق الأمني يجب أن يكون بين أبناء فلسطين في المدينة والحارة والقرية والمخيم، حتى تستطيع فلسطين النهوض بحِسٍّ أمني متوهج يحفظ دماء أبنائها ، ويدعم ثبات حقوقها ، ويُسقط كل إختراقٍ عفِنٍ تقوم به أسماء عربية في ظاهرها، وصهيونية في داخلها .
لاغالب إلا الله
27/02/2023 23:07