
الكذب له فنونه عند أهله وخلانه ، ولكن ماصرّح به الرئيس بينغ في التجمع العربي الصيني مؤخرا في الرياض ، يثير العجب من حجم الكذبة التي يروجها هذا التاجر من أجل مصالح بلاده الإقتصادية.
فالمتفحص لحجم السياسات والخطابات والسلوكيات الممارسة داخل الصين ، تعبر بشكل واضح لا يقبل التأويل ، عن حجم الخوف والقلق والعداء اللذي غذّته أجهزة الحكم في الصين تجاه الإسلام أو المسلمين في الصين..
الإعلام التعبوي الغربي ومايسمى الحرب على الإرهاب ، جعل المسلمين في الصين هدفا مشروعا ، يحمل بين طياته التمييز العنصري الذي ساق إلى الممارسات المعادية للمسلمين في الصين.
لا أعلم هل وصل الأمر بالرئيس الصيني أن يخاطب العرب والمسلمين وكأنهم أغبياء لا يقرؤون ولا يملكون الأدوات التي تساعدهم على فهم حقيقة ما يجري في الصين ، من حربٍ أدت إلى مذبحة منظّمة ضد المسلمين الأيغور داخل مناطقهم الإسلامية .
لقد أجبرت أجهزة الأمن الصينية وبتوجيهٍ من اعمدة الحكم وعلى رأسها الرئيس الصيني بينغ ، المسلمين على أكل لحم الخنزير في مراكز الإعتقال، وفي معسكرات الإعتقال في شينجيانغ.
ومنذ أصبح بينغ الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني . عمل على توسيع الحملات ضد الإسلام ، بل ودفع بوسائل إعلامه التقليدية من أجل التغطية على ممارسات نظامه الدموية، وأن تكون حذرة في تغطية الأحداث الجارية ، من أجل حفظ مصالح الصين الاقتصادية مع الدول الإسلامية والعربية بخاصّة.
المشاعر المعادية للمسلمين يتم تحفيزها من خلال بث مقاطع فيديو في داخل الصين ضمن دائرة مغلقة ، والتي يتم فيها تصوير المسلمين على أنهم خطرون وإرهابيون ، الأمر الذي غذى مشاعر غير المسلمين من الصينيين ضد المسلمين ، وصنع بيئة الإسلاموفوبيا بين صفوفهم حتى أصبح المجتمع مصاب بهذا الوباء الكاذب ، والخوف الشديد ممن هو مسلم .
لقد قامت الحكومة الصينية تحت زعامة بينغ ، بنشر آلاف المنشورات ضد المسلمين وعاداتهم حتى التحريض ضد المنتجات الحلال داخل الصين.
كما قام النظام الصيني بتوسيع شبكتها الخاصة بمراكز الإعتقال لأقلية الأيغور المسلمة ، تحت مسمى إعادة تأهيل سكان شينجيانغ ضد مايسمونه التطرف الديني .
وهذا قطرة من بحر عنصريتهم، ثم يأتينا هذا الدعَيّ ليعطينا درسا عن العدالة الإجتماعية ، والحوار الحضاري من الجزيرة العربية مهد الإسلام والمسلمين، ومنطلق مسرى رسول الله إلى بيت المقدس .
هذا التاجر الذي عرض تجارته البائسة ، وتلقفته أنظمتنا العربية بالترحاب والحبور ، كان الأجدر بهم ولسنا نعلمهم ما يفعلون ، أن يشترطوا على أقل تقدير إعادة الكرامة للمسلمين في الصين واحترام عقيدتهم ودور العبادة فيها ، وكذلك احترام ثقافة المسلمين ومراكز تعليمهم الإسلامية هناك، وإيقاف التحريض الإعلامي المبطّن ضدهم ، ووقف الظلم الواقع عليهم ، وأن يكون هناك إشراف ديني عربي إسلامي على الأقلية الإسلامية هناك ، بما يحفظ ماء وجوه الجميع ، وضمن إتفاقيات ثقافية ملزمة ، يتم تضمينها للاتفاقات التجارية بين النخبة العربية الخليجية بخاصة والمسلمين على إمتداد مساحاتهم ودولهم.
كل هذا كان يجب أن يتم أثناء المفاوضات ، وقبل التعهد بتجارة قوامها مئات المليارات من الدولارات ، والتي لا بأس أن تكون في ظل عالم متعدد الأقطاب ، يحتاج فيه العرب إلى فرض نفوذهم، وهي لا شك خطوة مباركة قامت بها العربية السعودية ، ولكنها تحتاج إلى تتميم العمل من خلال حفظ مصالح المسلمين في كل مكان وعلى رأسهم المسلمون في الصين.
ويجب أن لا يكون دعم الصين للقضية فلسطين، هو قميص يوسف الذي تتمسّح به الصين ، من أجل تنفيذ مآربها الاقتصادية في المنطقة العربية ، ولا التعهد بزيادة مشتريات النفط العربي ، كحلاوة للنفوذ إلى حضن العرب والأمة الإسلامية.
المملكة العربية السعودية ، تسير بخطى ثابتة نحو إعادة رسم الخارطة السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية ، ولا نعلم ماهية مالم يعلن عنه ، ولكن بدون أدنى شك أنها خطوة نحو الإستقلال السياسي والاقتصادي إن صدقت النيات.
والأيام حبلى تلد كل عجيب.
10/12/2022 21:38