بالأمس القريب وقفت قيادة الشعب الفلسطيني المضطهد والمسلوب حقوقه التاريخية ممثلة برئيس السلطة المعينة في أوسلو ، على عتبات الأمم المتحدة و أخذت تستجدي السلام من العالم الذي زرع الصهاينة في فلسطين ، وكذلك من الصهاينة أنفسهم .

لقد وقف على عتبات الإحتلال يستجدي وقف المستوطنات من كان من المفروض أن يقف موقف الأسد بلباسه العسكري المُغبر وحذائه المهترئ من الجولات والصولات في مخيمات اللاجئين ومعابر الذل وخيام الذين إنهدمت بيوتهم التنكية في الأغوار .

ولكن وبالرغم من حالة الخنوع وطلبه وقف بناء المستوطنات مؤقتا ، وتأكيد تعهده على عدم إستخدام السلاح ومحاربة من يحمله ، ومنع العمليات النضالية المسلحة ، وأنه يطلب السلام والعودة إلى المفاوضات ، ثم إلإتصال برئيس إسرائيل ، ووزير دفاعه غانتس ، مهنّئا إياهما والشعب الإسرائيلي برأس السنة العبرية الجديدة ، كان رد التحية الإسرائيلي سريعا ، حيث هاجمت القوات الإسرائيلية جنين ، وأوقعت العديد من الشهداء والجرحى ، وكذلك فعلت في نابلس ورام الله وبيت لحم، وأدخلت قطعان المستوطنين إلى الحرم الإبراهيمي ينفخون أبواقهم ، ويرقصون ، وكذلك الأمر في المسجد الأقصى ، وكل ذلك أمام أعين صاحب التحية ، ومتعهد السلام، ورجاله الذين حملوا مبادئ دايتون ومعاهدة التنسيق الأمني التي تنص على حماية أمن إسرائيل. 

عندما عرض هرمز على ربعي بن عامر مندوب سعد إليه ،المال واللباس والمؤونة السنوية ، مقابل تخلي جيش المسلمين عن القتال وعدم محاربة جيش كسرى ، وعلى أن تكون هذه الأعطية سنوية للعرب ، كان جواب ربعي ذلك البدوي صاحب اللباس الممزق في قلب إيوان كسرى ، وهو واقف معتمدا على رمحه الذي خرق به سجادة وبساط هرمز ، حاداّ وقاطعا..

"جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جوْر الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ".

ذلك هو زمان العزة والشموخ، وذلك بالرغم من ضعف قوة المسلمين مقارنة مع جيش فارس الأعظم عُدّةً وعديدا، إلا أنهم وقفوا بعزة الواثق من النصر ، ورفضوا أي تنازلات على الأرض ، وقاتلوا حتى تم القضاء على إمبراطورية فارس ، وإقامة حكم الإسلام فيها.

لا يمكن ياصاحب السلطة أن نعيش على إظهار اللين والذلّة والإستكانة، حتى يقول الناس عنا بأنا رحماء مسالمون، وأن نتنازل عن ثوابتنا الوطنية ومبادئنا حتى يُقال عنا أننا معتدلون.

كان عليك أن تحمل كرامتك الوطنية ، وتجعل منها الكلمة الحازمة، والموقف الصلب ،الذي يكون في كثير من الأحيان أشد من السيف وحدّه ، بل ويكون وسيلة لإرهاب العدو ووضع حدّا لنزواته وعنصريته. 

لقد خلق الله فينا العِزّة ، وجعل التكبير الذي نصدح فيه في منابرنا وصلواتنا وأعيادنا، هو إعلان بيقين لا يهتز ، بأن كل متكبر متجبر ظالمٍ أمام عظمة الله هو صغير ، وكل متعاظم بالعدو وأدواته بعد الله حقير .

فأي عزّة تلك التي تبتغيها، وانت تتنازل عن كرامة فلسطين وشعبها المقاوم والمناضل .
قال تعالى :(من كان يريد العِزّة فلله العزة جميعاً).

هاهي الكويت ترد على صفعة غانتس لك وبطُرُق سياسية أيضا ، عندما أسقط الشعب الكويتي الحبيب كل مروج للتطبيع أمثال فجر السعيد المرشحة الخاسرة غيرها ، وأعلنت بوضوح أنه لا تساهل مع من يتاجر بفلسطين الأرض والشعب والتاريخ .

إن من الخِسّة ياصاحب الصولجان الأممي في رام الله ، أن يتربى أبناء فلسطين على خطاب الذلّة والهوان، والإستجداء من أعداء الله .

إن ما يقوم به أرباب سلطة رام الله هو في الحقيقة تربية أبناء فلسطين على تأصيل الضعف والخوف ، وجعلهما منهاج حياة ، وبالتالي زرع الهوان والذل والهروب إلى حضن المحتل ، وجعل ملأ الجيوب مقدّما على ملأ الثغور وتحصين الوجود .

نحن أصحاب التاريخ والأرض والإنسان في فلسطين ، ولا يمكن إلا وأن يخرج من أبناء فلسطين ، من يُسقط راية الكفر والتبعية للمحتل وأعوانه .

فاستبشروا خيرا يا أبناء الأمة يا أبناء فلسطين ، فالنصر هو صبر ساعة ، والفرج أصبح قريب.