
هاهي فلسطين تقدم الشهيد تلو الشهيد ، لا ينقضي العُرس الأول حتى تبدا التعاليل للعرس الذي يليه ، زغاريد هذه الأعراس تكبيرات الله اكبر ، ومشروباتها دماء زكية ما تلبث حتى تكون مسكاً أذخر ، فبوركت تلك الرياحين ، وعَلَا ريحها في جنان الخلد .
ولكن مصيبتنا العظيمة في هؤلاء الذين يغردون بتحرير فلسطين ليل نهار ، حيث كما قال المثل نسمع جعجعةً ولا نرى طحنا.
أصبحت الفصائل الفلسطينية مبدعةً في عبارات الإستنكار والتنديد ، والقاء الخطب الرنانة من اجل الثأر للقتلى ، وان ما حدث لن يمر مرور الكرام !!!
ولكنه مرّ مروراً أطاح بعشرات القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ والقادة الميدانيين .
مرّ وههناك المئات من الجرحى ، وآلاف بلا مأوى ، وتدمير للبُنية التحتيّة .
هذا بالإضافة الى تدمير المزارع والمصانع والمنازل والشوارع .
وهنا في مفهوم القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيليّة ، يعتبر هذا ضرر عارض ، إذا قورن بما تم تحقيقه من تدمير لخزان الأهداف الذي إدعت إسرائيل أنها حققته في عملية الفجر الصادق ، وهو بالمناسبة عنوان من عناوين المقاومة الصادقة ، إستعارته إسرائيل في حملتها الأخيرة على غزة.
بالتالي هذا الدمار يخرج بالنتائج التالية التي اعلنتها حركة الجهاد:
إعلان المقاومة الحصول على ضمانات من اجل إطلاق سراح المعتقل العواودة المضرب عن الطعام خلال ساعات.
انّ القائد السعدي سيتم إطلاق سراحه قريبا .
كما تم الإتفاق على إدخال الوقود الى غزة ، وكذلك الأدوات الطبية ، وفتح المعابر وإعادتها الى حالتها قبل المعركة الأخيرة.
وايضا في المقلب الآخر ،ظهور الإخوان في حركة حماس على انهم سياسيون اكثر من كونهم حركة مقاومة ، وظهورها كانها نظام عربي يعلن تنديده وإستنكاره ، ويمارس دور الوساطة مع الدول المعنية والإقليمية في المنطقة والمؤسسات الدولية، ولا ننسى إشادة إسرائيل بها وذلك بما قامت به من دور محايد مع تأكيد إسرائيل ان حياد حماس كان له اكبر الأثر في ما حققته إسرائيل في عمليتها العسكرية الأخيرة ، وكأننا أمام سلطة فلسطينية جديدة على طراز سلطة رام الله ، مع فارق انها تحمل السلاح الهجومي ، والذي كان دوره محايدا ، وهو يشبه بذلك سلاح الأنظمة العربية المحيطة بإسرائيل.
أما إسرائيل فقد أعلنت أنها لم تقدم أي من الضمانات إلتي تحدث عنها المقاومون في غزة وأن إسرائيل ملتزمة بالقيام بعملياتها العسكرية دون قيد او شرط إذا وجدت أن هناك ما يهدد امنها، بل إنها إستمرت بمتابعة المقاومين في الضفة ، وعمدت الى عمليتها الأخيرة داخل نابلس حيث إستخدمت الصواريخ المحمولة على الكتف ودمرت في نابلس القديمة مبانٍ أُستشهد فيها ثلاثة وجرح أكثر من ستين ، تواجدوا في تلك المنطقة وكل ذلك في اعقاب تفاهمات غزّة.
هل نحن مقبلون على تفاهمات سريّة بإقامة دولة فلسطينية في غزة ، وحكم ذاتي في الضفة بالإضافة الى دولة إسرائيل.
أؤمن كل الإيمان انه لا بد من النضال لأجل إخراج كل الأسرى المحكومين والإداريين والمرضى ، ولكن ما حدث يضع علامات إستفهام ؟؟؟؟؟؟؟؟
هل من اجل تحرير واحد او إثنين او حتى عشرة ، بالإضافة الى دخول شاحنات النفط التي كانت تدخل بدون هذا الدمار وربما توسيع منطقة الصيد ، كان علينا ان نقدم اكثر من اربعين شهيدا ومئات من الجرحى وهذا الدمار الهائل ، وتلك القيادات الميدانية المتميزة؟!! .
بل والتشكيك بقدرة المقاومة على الصمود ، وظهورها انها منقسمة على نفسها .
الفلسطينيون يحملون عنوان واحدا هو التحرير ، وبالتالي هذا العنوان غير قابل للتلاعب به من اجل أجندات فصائلية تنحى منحى السياسيين في العبث بمقدرات المقاومة ،من اجل البقاء وتصدر الساحة الإقليمية عبر إرضاء دول إقليمية ودولية ، وذلك للحصول على مقعد يؤهلها ان تتصدر المشهد وتتربع على عرش السلطة ،وتجسيد إنسانية المقاومة بالتفاوض على انها تستطيع خدمة الجميع عندما يعترفون بحياديتها.
فالحذر .. الحذر لإخواننا في فصائل المقاومة من فتح وحماس الى آخر فصيل مقاوم ، من أن تلين جنوبكم وانتم تجلسون على الوسائد الناعمة في كل دول العالم ، وان تصبحوا عملاء لوزارات الخارجية في الدول العربية ، ومحطات أمنية لأجهزة المخابرات العربية والأجنبية تحت مسمى محاربة الإرهاب ، فتكونون أداة من أدوات تحطيم المقاومة من الداخل.
ولا بد من التذكير أنّ الشعب الفلسطيني لا يستسلم فهو يعيش معتقدا ربانيا على أنه يحمل مشروع نصرٍ او شهادة ، وهم يؤمنون بأنهم من ابناء الطائفة المنصورة بعون الله
فلا داعي للمتاجرة بدماء الشعب الفلسطيني ، فهذه دماء زكية لا يتم إهدارها بصورة عبثية وذلك لأنها تحمل رسالة مقدّسة ، فمن تخاذل عن حمل هذه الرسالة ، فليعلم ان هناك من سيحملها بأمر الله تعالى رضيَ من رضيَ ،وغَضِب من غَضِب .
فاستبشروا خيرا
لاغالب إلا الله.
10/08/2022 10:52