
في مثل هذه الأيام ، إستطاعت إسرائيل ان تهزم جيوش مصر وسوريا والأردن ، وعلى ثلاث جبهات في الضفة الغربية والجولان السوري وشبه جزيرة سيناء ، كلها جميعا سقطت ، بالرغم ان الدول العربية الثلاث كانت واعية لحقيقة إستعداد إسرائيل من أجل القيام بالعدوان على الأراضي العربية.
وللحقيقة فقد قاتلت قطاعات عسكرية من الجيش الأردني والمصري والسوري الى جانب الفلسطينيين ضد هذا العدو الصهيوني ، إلا أن حجم التآمر على فلسطين كان مهولا ومؤلما ، وهذا ما تبين من خلال ما يتضح من وثائق تدلل على تقاعس القيادات العربية في الإستعداد لمعركة كانت متوقعة ، خصوصا بعد إغلاق عبد الناصر لمضائق تيران ، ومنع السفن الإسرائيلية من الإبحار فيها ، وإخراج القوات الأممية من المناطق الحرام بطلب مباشر من عبد الناصر .
هذه الهزيمة أسقطت مقولة الأمن القومي العربي الذي تم إستباحته بكل الوسائل المتاحة وحتى تاريخنا الحالي.
لقد تولّد من هذه الحرب الكثير من المفاهيم الإستسلامية التي ادت الى سقوط عواصم عربية بداية من بيروت بالعمل العسكري ، وحتى العواصم العربية المتعددة من الخليج الثائر الى المحيط الهادر ، ولم تكن منظمة التحرير الفلسطينية بمنأى عن سياسة المؤامرات والكولسات الدولية حتى تم التفاهم مع عدد من قيادات الشعب الفلسطيني والتوقيع على إتفاقية أوسلوا ، التي لو عرضت على جمهوريات الموز لما قبلت بها.
لقد سقط المد القومي الذي كان يحمل شعار انه لا خلاص من الإستعمار إلا بتدميره ، لصالح التراجع والنكوص عن شعار المقاومة المسلحة ومكافحة الإستعمار ، الى الدور التراجعي الإستسلامي والتدميري ، لكل مفاهيم المقاومة من أجل إستعادة الوطن السليب وتحرير الأرض بكل ترابها التاريخي وتحرير الإنسان من عبودية العصور المظلمة حتى يومنا هذا.
نتيجة هذه الهزائم ، تم تكوين نخب عربية عميلة تحمل الفكر الماسوني والإرادة الصهيونية ، والتي تقوم على الإضطلاع بمهمة العمالة المأجورة التي تكون مهمتها ، لعب دور الوساطة بين المحتل المجرم ، والشعوب التي تقع تحت الإحتلال.
هؤلاء العملاء الذين يحملون اسماء عربية ،كانوا عبارة عن برجوازية نشأت من العدم ، ثقافتها مأخوذة من المحتلين ، أخذوا بإنشاء خطاب هجين ، يجمع مفاهيم السياسة والإقتصاد والإجتماع والدين ، والتي يتم إنتقاء مفرداتها بشكل تكون بعيدة عن طموحات الشعب في التحرر والإستقلال .
النُّخب الحاكمة اليوم في العالم العربي، ومن ضمنها السلطة (الوطنية) الفلسطينية ، وبعد ثمانية وعشرون عاما من إتفاقية أوسلو ووادي عربة ، لم تعد سوى نظام عربي مهزوم شأنه في ذلك شأن بقية الأنظمة العربية في الوطن العربي الممتد من أقصاه الى أقصاه، وبالتالي لم يقم نظام اوسلو إلا بما قامت به باقي الأنظمة العربية من تكريس الهيمنة الغربية الإمبريالية ، والصهيونية العقائدية على الشعوب العربية بعامة ، والشعب الفلسطيني بخاصة ، والذي رفض بدوره هذه الهيمنة واستمر في مقاومة العدو الصهيوني بالمال والسلاح والأنفس التي لم تفرق بين صغير او كبير ، متعلم أم غير متعلم ، رجل كان أو إمرأة.
ما قامت به السلطة هو عبارة عن تعاضد مع ما قامت به الانظمة العربية ، التي عرقلة اوطانها عن التقدم العلمي والرفاه الإجتماعي والتميز الإبداعي الفكري.
لقد قامت النخب بعد هزيمة عام 1967، بإزدراء شعوبها ، من خلال ضرب ثقافتها في مشاعرها ومعتقداتها ، التي تجللها النخوة والشجاعة والمروءة ورفض الظلم ، بل أخذت تكرس ثقافة الغرب الداعمة للصهيونية ، والمتمثلة بأننا شعوب ادنى من اليهود وبالتالي من الأوروبيين ، ولذلك فلا ثقافة ولا تاريخ لنا إلا بما تمليه القوى الكبرى علينا ، حيث الصهاينة اولا والعالم من بعدهم.
إن حالة الإحتلال لم تتغير ، سوى أنها إنتقلت من الإحتلال المباشر ، الى الإحتلال غير المباشر الذي يديره عملاء يحملون إسم محمود واحمد ومحمد وما شابه تلك الأسماء التي يتاجرون من خلالها ، ويسمسرون على الشعوب مقابل أثمان رخيصة.
في النتيجة لا زال الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الحيّة، يقاومون التغريب و الصهينة بكل ما يحملون من ادوات كلامية وسلاح يبتدأ بالحجر ولا ينتهي بالصاروخ ، وبالرغم من ظلم ذوي القربى ، إلا اننا نملك إرادة التغيير ، فالصغار حملوا لواء الأجداد والآباء والأعمام والأخوال ، ولم يقبلوا بأن يتم إغتصاب قضيتهم ، ولا عنفوان عزتهم ، واستمروا يحملون أرواحهم على راحتهم ، واستطاعوا فضح مؤامرة القادمين الجدد الى فلسطين تحت إسم النضال والثورة ، فباءت مشاريعهم الإستسلامية الظلامية بالخزي والعار ، واستمر المناضلون من شمال فلسطين الى غزة الصمود في المحافظة على مشروعهم الوطني .
الشفافية النضالية هي التي تحكم اليوم ، والتي من خلالها سيتم إسقاط تلك النخب العميلة ومنظومتهم الإحتلالية البشعة ، و التي سهروا عليها من اجل إخضاع شعبنا العربي عبر تغيير مناهج التعليم والهرولة الى التطبيع الإبراهيمي .
هذه الشفافية التي ستسقط عمالة الأنظمة ، وتفك طوق التبعية عن رقاب الشعوب في كل أنحاء المعمورة العربية والإسلامية.
إن موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب.
فاستبشروا خيرا
لاغالب إلا الله.
07/06/2022 12:52