هذا هو حال وضع قادة الأمة اليوم ، فما عاد للحياء ماء في الوجوه ، فبعد إنقطاعه امام الله ، جفّت تماما أمام خلق الله.

البقاء لله دائما وأبدا ، ولكن من أشركوا مع الله أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وغيرهم ، يرًوْن أنّ بقاءهم مرهون بوجود هؤلاء الى جانبهم بل تيجانا على رؤوسهم ، فالمؤامرة العالمية لا تتم إلا بأفضال من رضي بالذل والعبودية ، مقابل علم ويد طليقة في سرقة مقدرات الشعوب الوطنية والسياسية ثروات الأمة من صنعاء وحتى رام الله.

في الخليج مشايخٌ يتربعون على ثروات فوق الأرض و تحت الأرض مستندين الى حكم شرعي وافق هواهم وشهواتهم ، و الذي يقول بأن الخمس من الثروات المستخرجة هي لحاكم الأمة ، ولكن أي حاكم هو ؟!

إنه الحاكم الرباني الذي يجاهد في الله حق جهاده ، ويدافع عن حقوقها الشرعية ويحمي ثراها من أن تدنسه أرجل المرابين والزناة والقتلة والسارقين والحشاشين وأبناء أمهاتهم.

إنهم ياسادة أمثال أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد والمعتصم ونور الدين وصلاح الدين ومحمد الفاتح وسليمان القانوني والقائمة تطول.

ولكن هؤلاء كانوا كأمثال أبي رغال وابن العلقمي وغيرهم ، من الذين باعوا الأمة لأعدائها ، فسقطوا بيد الأعداء الذين لم يأمنوا خيانة من خانوا أوطانهم.

أما فلسطين التي كما قال الشاعر ابراهيم طوقان:
وطنٌ يُباعُ ويُشترى. وتصيح فليحيا الوطن 
لو كنت تبغي خيره لبذلت من دمك الثمن
ولقمت تضمد جرحه ، لو كنت من أهل الفطن.

ولكن هيهات هيهات أن يكونوا من أهل الفطن .
فمن أجل الكرسي تنازلت سلطة الأمر الواقع في زمن عبثي عن كرامتها بل عن كرامة شعبها فهي معدومة الكرامة ، منذ أن تولى لصوص الوطنية والشعارات والمقدسات زمام الأمر فأخذوا يتنازلون عما لا يملكون من أراضٍ وثرواتٍ ومقاومةٍ وشهداء وتضحيات ، شأنهم في ذلك شأن بلفور الذي أعطى ما لايملك لمن لا يستحق ، وهم كانوا شركاء له في المؤامرة على الشعب الفلسطيني وإن مرّ أكثر من مئة عام على وعد بلفور.

لقد أصبحت اسرائيل هي الضامن الرئيسي لبقاء السلطة الفلسطينية ، ووجود الأخيرة هو الضامن الرئيسي لحفظ أمن إسرائيل ، واستمرار عربدتها في فلسطين كل فلسطين لا فرق بين الداخل و الخارج ، فالهدم في النقب كما هو في القدس والشيخ جراح وشعفاط و سلوان والخليل والمثلث والجليل ، بل واستباحة المدارس والجامعات والمستشفيات والقرى وحتى المقاطعة إن أرادوا ، وكل ذلك ضمن إتفاقيات ضمنية بين سلطة اسرائيل في تل أبيب ، وسلطة إسرائيل في رام الله.

ولا بأس بتصريحٍ اسرائيلي أن يقوم فرع رام الله بالشجب و الإستهجان و الإستنكار لا غير ، مقابل إبقاء حنفية المناصب والكراسي وأرجلها من أجهزة أمن شُرَطيّة و إستخبارية و وقائية تعمل على حفظ أمن المستوطنين و المستوطنات و إسرائيل بذاتها ، من أي عملٍ مقاوم مشروع في قوانين السماء ثم قوانين الأرض.

لقد أصبحت بقايا الأرض الفلسطينية عِزبة يتم توريثها من الأباء الى الأبناء ، فسفيرٍ فلسطيني في إيران ترثه إبنته هناك ، وفاسد سلطة في وزارة من الوزارات يرثه من هو أفسد منه ، ومشاريع إنمائية وتطويرية وحضارية تبقى في الخزائن مقفل عليها حتى يتم الوصول لإحدى الحالتيْن ، إما إنتظار فاسدٍ يتسلم هذا المشروع كي يستطيع أن يسرق منه ما استطاع الى ذلك سبيلا ، أو حتى يتم فرض الأمر الواقع الذي يقول بأنه لا مشروع يتم إلا بمشاركة أحد هؤلاء الذي قدّموا خدمات للسلطة في رام الله وكذلك بطبيعة الحال في تل ابيب ، حيث لا بد من مكافئة العمالة والخيانة ، وإلا كيف يتم إنهاء الأجندات الداخلية والخارجية ، ما كان منها مُشتَركاٌ ، وما كان منه خاصاٌّ بقطاع الأبوات.

لم تبقى لجنة لمكافحة الفساد ولا لديوان الرقابة ، ولا لديوان المحاسبة ولا للشرفاء من العاملين من أجل فلسطين وأمتهم سواءً كانوا من المدنيين او من العسكريين الشرفاء أي دور مركزي في حفظ بقية كرامة لفلسطين، والذي والله منهم من يُوَزّن بماء الذهب لأصالتهم و شرفهم و نخوتهم و مروءتهم .

واقع الأمر أنهم رضوا بالذل والذل لم يرضى بهم بل بصق عليهم لأنهم تجاوزوه في الخيانة فلم يُبقوا أخضرا ولا يابسا.

ومع ذلك نستبشر خيرا ، فلا زال هناك نفق وفي آخره ضوء 
والله المستعان على ما يصفون.