
ما أحدثه الأسرى منذ إسبوعين من خرق لمنظومة الأمن الإسرائيلية في سجونها المحصّنة حتى النخاع ، شكّل فارقا مهما في كسر عنجهية الأنا عند المحتل ، وكسر الصّمت الرهيب الذي ساد بين أوساط الأسرى في ظل إنعدام الأفق حول إمكانية إيجاد صفقة يتجلى بها خروج اعداد من الأسرى الذين ظللتهم عدّة مؤبدات وسنوات إضافية من الظلم والقهر.
ولكننا نقف مذهولين من تصريحات حسين الشيخ ، الذي يؤكد أن السلطة لم تساهم في إعتقال الأسرى وخصوصا الأسيرين اللذان نجحا في الدخول الى جنين القسام ، ولم تضع حواجز تفتيش ، وان الأمر إقتصر على تبادل المعلومات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ، وأضاف المذكور أعلاه ، ان الرئيس قد أكّد على اهمية تسليم الأسيرين دون إراقة دماء.
نعم هذا ما فعلته السلطة ، فقط التنسيق الأمني الإستخباري ، وعدم إعتراض القوة الأمنيّة الإسرائيلية في دخولها الى قلب جنين ، وعدم التدخل أثناء الإعتقال .
والسؤال هنا :
ألم يكن الأسرى مناضلين من اجل الحرية وتحرير التراب الفلسطيني ، الذي يقيم عليه السيد الرئيس وبطانته من أصحاب الرتب المختلفة والمنتفعين والمتسلقين والمفسدين من الأبوات الذي عادوا من النفي ، فأصبحوا من أصحاب الثروات والأملاك والأطيان والبساط الأحمر وإحدى وعشرين طلقة مدفعية على شرف هؤلاء؟
الم يكن ابطال الحرية بتضحياتهم هم من جعلوا هناك لقب سيادة الرئيس ، وصنعوا أجهزة الدولة المختلفة ، وإن كانت على الورق؟
ألم يصنع الأسرى بثباتهم وإصرارهم اوراق ضغط على المحتل بيد الصادقين العازمين على تحرير الوطن مهما كانت التضحيات ، وحتى بيد المتخاذلين المستسلمين لشهواتهم المريضة ، في إقتناص ما يمكن إقتناصه من ثروات يدفعها المحتل مقابل شراء الذمم وتحديد المصائر؟
لطالما شكل أسرانا البواسل رافعة للإنتصار على المحتل في كل مواقع المجابهة من غزة الى راس الناقورة ، فهل يستحق هؤلاء ان نبيعهم باثمان لا تتعدى الإستمرار بالجلوس على كرسي الأمر والنهي .
وفي المقابل لماذا تخاذلت فصائل المقاومة عن الذّوْد عن مقاتليها ، الذين لم يكلفوها عناء هروبهم حتى وصل ما تبقى منهم الى جنين ؟
وأين ذهبت الشعارات الثورية الجوفاء التي إمتلأت بالتهديد والوعيد للعدو ، وانها ستحميهم مهما كلف الأمر ، فلم يجدوا من يحميهم ولو بمظاهرة ، او ببناء سور من الأجساد البشرية حول البيت الذي كانوا يتواجدون فيه؟
ما هذا التخاذل والسقوط لفصائل هؤلاء ، وهل إنقطعت الحيلة في الدفاع عنهم وحمايتهم وعدم تسليمهم ، وإن كان لا بد فليكن ذلك بعد مفاوضات تُتعب المحتل وترفع من حيوية وديمومة الحِراك للأسرى في مختلف السجون الظالمة ، وعلى إمتداد تواجدها على ارض فلسطين السليبة .
لقد أضاع الجميع قدسية اللحظة ، وأساءوا إستغلالها ، واستمروا يمارسون دور المراقب لرد فعل المحتل ، عِوَضا عن تنمية الفعل وتطويره وإستغلاله الى أقصى درجة كي يكون متناغما مع الحراك الليلي ، والدفع به الى موائد الدول الكبرى ، ضمن حراك سياسي ، يدفع نحو تشكيل لجنة دولية تعمل على التحقيق في اوضاع الأسرى، وطبيعة السجون التي يؤسرون فيها ، بل والتنقيب في قضاياهم وعدالة نضالهم الذي كفلته لهم كافة الشرائع الدولية.
لم تفعل السلطة سوى التنسيق الامني وتبادل المعلومات مع الأمن الإسرائيلي ، والتأكيد عليهم على اهمية عدم إراقة الدماء كما يريد الرئيس عباس ، وذلك كما صرح حسين الشيخ.
كما لم تفعل الفصائل شيئا نحو اسراها المناضلين في نفق الحرية ، ولم يستطيعوا ان يستفيدوا من جلال اللحظة.
لا يبقى لنا إلا ان نوجه الف تحية وتحية لهؤلاء المناضلين الأشاوس الذين حفروا بأظافرهم ذاكرة الوطن وأحيوا قضيتهم دون ان يطلقوا صاروخا واحدا ، او عقد اي لقاء على طاولة المفاوضات في واشنطن ولندن وعمان والقاهرة.
لكم منا الدعاء ، ونستسمحكم عذرا فلم نكن بمستوى الحدث ولم نستطع تسلق قامتكم ...
فلا بد من موعدٍ للقاء..
إن موعدكم الصبح ،اليس الصبح بقريب
فاستبشروا خيرا
لا غالب إلا الله.
20/09/2021 16:59 493