"جينالك يا فلسطين" هذا عنوان الأغنية الشعبية الفلسطينية الجديدة التي أطلقها الفنان محمد عساف عبر خطاب شفهي يرتكز على خمسة أركان رئيسية هي : المطرب والنص والملحن والموزع والمتلقي.
وعندما نطالع شخصية المطرب عساف في هذا الوقت، نجدها شخصية قد اتخذت من الأغنية الفلسطينية وسيلة للارتقاء بمستوى الفن الفلسطيني ولايصال الصوت المقهور إلى كافة أرجاء المعمورة دون النظر إلى الحاجة المادية لإيمانه المطلق أنه يحمل رسالة شعب حتى وإن كانت الاغنية خارجة بولادة قيصرية أو طبيعية إلا أنها تحاكي الواقع وتنحاز إلى قضيتنا وشعبنا مكرسا صوته لقرع جدران الخزان خزان الحق والأمل والعدالة المنشودة ليعيد ترتيب أولويات الفلسطيني المقموع وهو بهذا لا ينتظر أن نمنحه صكا بأنه فارس الاغنية الشعبية الوطنية وأنه دخل عجلة التاريخ لا محالة حيث الإغراء الشديد للفحص والتفحيص حيث يطمح من خلال هذا التاريخ إلى أن يكون مسحورا في الصياغات الإنسانية للوجدان الإنساني الفلسطيني.
إن الحرص الشديد لعساف جعله يراقب كافة النصوص الفلسطينية التي تسيطر على تجارب جماعية عاشها شعبنا العظيم بل وجعله يبحث عن كلمات غنائية بعيدة نوعا ما عن النمطية المكررة مرتكزا على المفردات التي تخدم القلب والروح وتحاكي الهم اليومي... أجل بحث عن كلمات منحازة إلى إيقاد شعلة الحرية وكان له ما أراد عندما داهمته كلمات الشاعر الفلسطيني الكبير سامي عفانة.
كان عساف مدركا أن كلمات سامي عفانة يجب أن ترتبط بموروث لحني أخاذ يجمع الكل في علاقة تكاملية وبحث في أروقة فلسطين ليجد مبتغاه في ذات الملحن المبدع محمد المدلل وبهذا الجمع بدأت تتشكل الاغنية التي قام بتوزيعها الاستاذ محمود عمار الذي أدرك روحية النص والكلمة واللحن والصوت الأخاذ.
أما المتلقي صاحب الاذن الموسيقية فقد شدته بكل كيانها بكل ارهاصاتها وبكل ملامح تصويرها فاستعد لها وبدأ بحفظها عن ظهر قلب.
ان أغنية عساف الجديدة والتي كما قلت حملت اسم جينالك يا فلسطين هي ضمن سلسلة أغنيات يعكف الفنان على إخراجها لحيز الوجود تحت عنوان قصص فلسطينية.... هذه القصص التي تعكس هويتنا وتؤصلها كالأرض، والزيتون، والزيت والزعتر، والحصيرة، والمفتاح، والدار، وباب الدار، وبيارة الحمضيات، والحطة والعقال.. وبهذه القصص المفعمة بالروح الوطنية انحاز عساف الى المتلقي حيث هو صاحب السلطة، وهو البوصلة التي تحدد نجاح الخطاب من فشله.
إن العصر الذي نحياه هو عصر الخطابات التي تلامس وجدان فلسطين، وعساف استطاع أن يلامس هذا الوجدان فكان له ما اراد من خلال إعلانه الالتزام بروح الارض الفلسطينية حتى وجد له موطئ قدم مؤثر في عصر الخطاب الذي نعيشه.
16/06/2021 16:54 841