هذه البقعة الجغرافية ، التي قُدّر لها أن تلعب دورها منذ بدء الخليقة ، تجدد نفسها وتستعيد حيويتها في كل زمن من الأزمان فهي عروس كل العصور.


فلسطين اليوم شكلت مفاجأة للمحتل الذي وضع لها أرقام وهمية بين شعب 1948و 1967 وأهل القدس ، وقطاع غزة وجعلهم بين لاجئ ونازح وأقلية و أكثرية .

 كل ذلك جعل النكبة لا تحمل تاريخا معينا ، بل جعل النكبة حدثا مستمرا ودفترا مفتوحا ، بفعل سياسة الأبرتهايد الممارس على فلسطينيي الداخل ، وحالة الإستيطان المستمرة في الضفة الغربية ، والإستيلاء على القدس والعمل المسعور على تهجير اهلها والإستيلاء على ضواحيها كما هو الأمر حاليا في الشيخ جراح ، وصولا الى جعل غزة كيانا آخر وفصله عن الوطن الأم ، جعل النكبة واقعا مستمرا ، ومنهج حياة يعيشه الشعب الفلسطيني كما هي الصلوات الخمس ووجبات الطعام اليومية الثلاث.

فلسطين اليوم ترسم مشهدها الذي يُعَبّر عن وحدة أبنائها بكل صفاتهم وأرقامهم وأشكالهم و ألوانهم ، فهي تغير الإعلان من التقسيم الى التوحيد ، فما عاد هناك صوت يعلو فوق صوت شعب واحد ومصير واحد ونضال واحد وحياة واحدة.

تضرب فلسطين اليوم الحلم الصهيوني بعرض الحائط ، لتقول له أنها إنتقلت من الغفوة الى الصحوة ، ومن القلة الى الكثرة ، ومن السكرة الى الفكرة ، ومن الفرقة الى الوحدة .

فلسطين عام 2021 تنزع عنها الغبار الذي إعْتراها بفضل الله اولا ثم بعودة أبنائها الى حضنها ، وإن كان هناك من لا زال يحتاج الى إعادة تأديبه و تَقويمه .

التغيير بدأ يرفع راسه ، وهذا هو اجمل ما في عيد فلسطين هذه السنة ، هذا العيد الذي لم يكن جماله في اللحم المشوي ولا في اللباس المأخوذ من ارقى دور الأزياء ، ولا في العاب الاطفال وضَحِكاتهم ، وإنما في دماء الشهداء الذي قدمه أطفال غزة الى اطفال القدس والضفة و اطفال عرب الداخل ، في هدية الحياة لهم ، في رسالة رمزية تقول لهم :
(إخوتي وأخواتي من اطفال وطني ها نحن نقدم لكم الحياة والعزة والكرامة بتضْحياتنا و دمائنا و طفولتنا ، و سنراكم من هناك حيث الجنة ، كيف ستَضحكون و تعيشون بكرامة وانتم احرار من نيْر الإحتلال).

نعم هذه فلسطين تقلب معادلة الحلم الصهيوني الذي كان يعتقد بانه سيكون جميلا ، الى كابوس جعلهم يبحثون عن الطريقة التي ستُخرجهم من هذا الحلم الوهمي.

لا زال المشهد يحمل مُفاجآته لِلقريب والبعيد ، فرَحِم فلسطين كتاب مفتوح يكتب أسطرُ إنتِصاراته حناجر المصلين في المسجد الأقصى و رباط القاطنين في القدس القديمة والشيخ جراح و العيسوية و شعفاط ، وتلك الأيدي المباركة في الناصرة واللد وحيفا وعكا وام الفحم والمثلث الصامد وثبات الإعلاميين من ابناء فلسطين في نقل صورة الحدث في كل مواقع الاحداث ، عبر شبكات إخبارية جسدت نجاحها الإرادة السياسية في دعمها ، و عزيمة وتضحيات المراسلين الأبطال الذين لم يكونوا اقل ممن يتصدون بأجسادهم للمُحتل و المستوطنين .

وبعد ذلك تهُلّل الصواعق المشتعلة تحمي ظهور هؤلاء الابطال من هناك من غزة الشموخ ، التي لطالما كانت حجر عثرة على مر التاريخ في وجه كل محتل و عابث بأرض فلسطين ، بل و سدا منيعا في وجه كل جيش عابر الى آسيا حيث الشام ، وإفريقيا حيث مصر وما وراءها.

هذه فلسطين تتجدد دائما و تتجمل وتقول للمُحتل:

(هذه الحريةّ الحمراء ما........عرفت إلا فلسطين مراحاً)

فاستَبشروا خيرا فَفلسطين ستَحملنا جميعا نحو النصر تحت شعار ...
لا غالب إلا الله.