حلقة 《2》
جهاز القضاء الشرعي في اسرائيل
■ القاضي ثروت مدلج يصدر قرارًا مطالبًا التحقيق حول شبهات بموضوع الاعفاء من الرسوم..!
■ لماذا الغت محكمة الاستئناف قرار القاضي ثروت مدلج!؟
■ العلاقة ما بين قرار القاضي مدلج ومستند تفويض الصلاحيات؟!
■ المحامي حسين حمزة محاميد؛" ما حدث هو عرقلة وتشويش على التحقيقات في ملف الاعفاء"
■المحامي حسين حمزة محاميد؛"
من حق موكلي الاطلاع على النسخة الاصلية من مستند التفويض، ونحن عازمون على ذلك حتى لو أضطررنا التوجه لمحكمة العدل العليا. وبجعبتنا حقائق وأدلة راسخة سنكشف عنها في حينه.
**********
تحقيق؛ سعيد بدران
ليس سرًا بأن العلاقات بين قاضي المحكمة الشرعية في بئر السبع، وبين رئيس محكمة الاستئناف القاضي عبد الحكيم سمارة ومدير المحاكم الشرعية وقاضي محكمة الاستئناف القاضي إياد زحالقة، لا تسودها أجواء من السمنة والعسل، وشهدت شكاوى واتهامات متبادلة لدى مفوض شكاوى الجمهور ضد القضاة وجهات أخرى في الوزارة.
لم يكن القاضي مدلج، أبنًا مدللًا يومًا في الجهاز، بل كان وما زال يعتبر الولد العاق والمتمرد والذي يغرد خارج السرب، محارب عنيد لا يتنازل عن موقفه ويتعامل مع رؤسائه بندية مهنية، وكل المحاولات للإيقاع به وفصله من القضاء باءت بالفشل.
واحدى هذه المحاولات كانت في شهر حزيران 2018، حيث نشرت في وسائل الاعلام عن نية وزيرة القضاء في حينه، ايليت شكيد، عزل قاضيين احدهما، ثروت مدلج، بسبب منحه شهادات خلو الموانع. وكما علم فإن هناك من استبشر خيرًا شامتًا لسماع هذا الخبر ، وحتى أن شخصية كبيرة في الجهاز تطرقت بشكل عابر خلال لقاءات عدة مع محامين وحددت بكل ثقة المدة التي سيعزل خلالها القاضي مدلج وهي 90 يومًا، ولكن مضت ثلاث سنوات تقريبًا، وطار" ثلاثة وزراء قضاء، وما زال القاضي مدلج يواصل عمله وينتظر قرار العزل..!
تجدر الإشارة إلى أن جهة ما قد "حرصت" على إخراج قضية خلو الموانع، مؤخرًا، من الدرج وتسريبها لجنة إعلامية لإثارتها مجددًا، وكما يبدو لصرف الانتباه عن العديد من القضايا والشكاوى التي يتم تداولها الآن في مكتب مفوض شكاوى الجمهور ضد القضاة واروقة الوزارة، بين بعض القضاة ومنهم رئيس محكمة الاستئناف القاضي عبد الحكيم سمارة والقاضي إياد زحالقة وغيرهم، أو لتصفية حسابات داخلية فيما بينهم.
إصدار شهادات خلو الموانع هو إجراء قانوني وليس بالأمر الجديد، فقد سبق القاضي ثروت مدلج والقاضي سالم الصانع بذلك قضاة آخرين بإصدار شهادات من هذا القبيل.
عودة إلى قرار القاضي مدلج الذي جاء بعد صدوره بمدة قصيرة، الآجراء بإرسال كتاب تفويض الصلاحيات لسكرتيري المحاكم الشرعية.
قرار القاضي مدلج الذي صدر في تاريخ الثلاثين من نيسان 2018، أشار بشكل مباشر الى وجود شبهات ومخالفات قضائيه في نهج الإعفاءات من الرسوم، والتي تخضع لمسؤولية مدير المحاكم الشرعيه القاضي إياد زحالقة، لانه صاحب الصلاحيه الاول عن الإعفاءات. وامر القاضي مدلج سكرتاريه المحكمة بتحويل القرار الى عدة جهات منها المستشار القضائي للحكومة، إدارة المحاكم ، مفوض شكاوى الجمهور ضد القضاة، مراقب الدولة وحدة التحقيق بالغش والاحتيال في شرطة اسرائيل. كما أنه سمح بنشر هذا القرار على الجمهور.
المستشار القضائي للحكومه الذي قام بمعاينة الطلب، اوعز إلى الشرطه بفتح تحقيق بالشكوى، وقامت الشرطة بالتحقيق مع من يجب التحقيق معهم في حينه .
القضية لم تنته هنا بل اسرعت ادارة المحاكم الشرعية بواسطة مستشارها القضائي السابق "آدم ابزاخ" (شركسي) بإصدار كتاب خطي والذي يقضي بإلغاء قرار القاضي مدلج، ويمنع نشر القرار، ويتم تحويل القاضي مدلج الى مفوض شكاوى الجمهور ضد القضاة، والذي رفض الشكوى ضد القاضي مدلج، لاحقًا.
وتتواصل أحداث هذا الملف بالتدحرج ككرة الثلج، فقد قام القاضي مدلج في السابع والعشرين من أيار 2019، (في أعقاب طلب سكرتير محكمة الناصرة الشرعية المحامي عمر زعبي تصوير القرار بغرض الاستعانة به لتقديم شكوى معينة) بدعوة اطراف الملف الذي اتخذ بشأنهم القرار، للحضور أمامه للنظر بالطلب المقدم ،وذلك بعد اعتراض ادارة المحاكم ممثله بمستشارها الحالي، ومعارضة مساعد مدير المحاكم والنيابة العامة، لكون القرار وفق رؤيتهم باطلًا وسريًا، ولكن لم يحضر الجلسة المستدعي ولا وكيلة المدعية بل اكتفيا برد خطي، وفي المقابل حضر المعترضون اعلاه الجلسة المقررة ليوم 29\05\2019 ، وما تمخض عن هذه الجلسة كان ان تقدمت ادارة المحاكم بعد سنة ونيف بطلب لإلغاء قرار محكمة بئر السبع رقم 440/2018 , علما انه لم يتم الاعتراض على القرار من قبل الاطراف او من قبل ادارة المحاكم الا بعد اكثر من عام وان ادارة المحاكم ممثلة بالنيابة العامة طلبت ابطال القرار بحجة عدم صلاحيته وبطلانه من اساسه, وكان رد فعل قاضي محكمة بئر السبع على هذا، بأن اصدر قرارًا بتحويل الامر الى الجهات المختصة في وزارة القضاء والى المستشار القضائي للحكومة لكي يدلي برأيه في الطلب, لكن سرعان ما احست ادارة المحاكم بالخطر المحدق بها والمترتب على ذلك وسارعت الى الاستئناف على هذا القرار الاولي، وقامت محكمة الاستئناف الشرعية بأبطال قرار محكمة بئر السبع وبذلك تكون قد الغت كل التحقيقات الجنائية والتحقيقات المدنية في هذه القضية في ملف رقم 305/2019.
يقول المحامي حسين حمزة محاميد، ان ما حدث هنا هو تشويش وعرقلة للتحقيقات وحسب رأيه فأن هذه سابقة قضائية لا يوجد لها مثيل في أي جهاز قضائي في العالم.
واضاف، المحامي حسين حمزة محاميد الذي يعتبر من المحامين القديرن والمخضرمين في مثل هذه القضايا المعقدة، ان ما فعلته ادارة المحاكم ومحكمة الاستئناف الشرعية مخالف لكل اصول المحاكمات ومخالف لكل قواعد واساسيات القضاء, وانه لا يمكن تقديم استئناف على قرار بواسطة جهة خارجية علمًا انه لم يتم الاستئناف على هذا القرار من قبل الاطراف.
واضاف وتساءل المحامي حسين محاميد عن توقيت تقديم طلب ابطال قرار محكمة بئر السبع ,اذ انه وبعد ان كشف موكله المحامي عمر زعبي ما حدث في ادارة المحاكم من تزوير للمستند, سارعت ادارة المحاكم الى ابطال قرار محكمة بئر السبع بكل طريقة ممكنة , اذ ان الغاية تبرر الوسيلة, وتجاهلت ادارة المحاكم "الشرعية" ان الوسائل لها احكام المقاصد.
المحامي حسين حمزة محاميد، الذي استجوب المستشار القضائي السابق المحاكم الشرعية، آدم ابزاخ، خلال جلسة محكمة العمل اللوائية في الناصرة، أشار إلى وجود تناقضات جمّة بين أقوال الشاهد ابزاخ وبين ردود إدارة المحاكم الشرعية، وأكد على ضرورة إلزام إدارة المحاكم الشرعية بالكشف عن النسخة الاصلية من مستند تفويض الصلاحيات، وأبدى المحامي محاميد استغرابه من الاصرار على التكتم على النسخة الاصلية وكان الأمر يتعلق بمستند سري وخطير للغاية قد يعرض امن الدولة للخطر إذا ما تم السماح لموكله الاطلاع عليه. ونوَّه إلى امكانية التوجه لمحكمة العدل العليا بهذا الشان. إذ أن ما ورد بشهادة السيد آدم ابزاخ، وما ورد بشهادة سكرتير محكمة عكا السابق محمد بدران الذي أنكر جملة وتفصيلًا معرفته بهذا المستند قبل عرضه عليهم وتأكيده بانه لم يوقع عليه بتاتًا، بالإضافة لدلائل أخرى والتي تشير كلها على وقوع خلل ما يثبت إدعاءات موكله بحصول تزوير.
*************************
قرار القاضي ثروت مدلج
( " لاحظت هذه المحكمة وبعد التفاصيل ان هناك تجاوزات عديدة وهناك شبهات لمخالفات قانونية ليس فقط على الوجه القضائي المدني انما مخالفات وفق قانون العقوبات فهناك شبهة لتحرير مستندات غير صحيحة بالاضافة لعرقلة سير العدالة وتقديم مستندات وبيِّنات غير قانونية وشبهات اخرى تستوجب التحقق والتحقيق من قبل المؤسسات الرسمية."
هذا ما كتبه القاضي مدلج، في القرار بعد النظر في دعوى استرداد مصاغ ذهبي حيث تبين خلال استجواب المدعية ان هناك تجاوزات قانونية فيما يتعلق بإعفاء المدعية من دفع رسوم الدعوى حيث قالت المدعية ردًا على سؤال المحكمة انها توجهت للمحكمة الشرعية في باقة الغربية والتقت سكرتير المحكمة الذي استفسر منها عن حالتها المادية وعن مكان سكناها ومن ثم وقعت على استمارة قام بتعبئتها امامها وأخبرها انه سوف يرسل طلبًا للادارة وللمحكمة، ولم تحضر إلى محكمة بئر السبع كما تنص عليه أنظمة المحاكم الشرعية، اي كان يتوجب عليها التوجه لمحكمة بئر السبع وتقديم طلب الإعفاء من دفع الرسوم لدى سكرتير المحكمة الشرعية في بئر السبع وليس في باقة كما حدث على أرض الواقع. ولكن بعد مضي شهر تقريبًا قُدم طلب الإعفاء لمحكمة بئر السبع الشرعية وموقعًا من قبل مدير المحاكم الشرعية فضيلة القاضي د.اياد زحالقة.
" هذه الإجراءات تحمل بين طياتها تجاوزات واختراقات عديدة تستوجب التحقيق والتدقيق خاصة وأن وكيل المدعيّة أشار امام المحكمة بأن هذا النهج هو النهج السائد قرار ولا يجوز للمحكمة النظر باي دعوى أو أي إجراء لم يستوفِ رسوم بحقه الا اذا تم دفعها بداية أو إصدار قرار بتأجيل دفع هذه الرسوم، ويكون ذلك من خلال طلب يقدم للجنة مختصة والتي تكون برئاسة وعضوية مدير المحاكم ونائبه وقلم المحكمة الذي قدمت له الدعوى. ويتخذ القرار بعد دعوة طرفي الخصومة وبعد أن يثبت لهذه اللجنة ان مقدم الطلب لا يستطيع دفع الرسوم أو جزء منها وشهادة مؤسسة المساعدة القضائية وغيرها من أنظمة المحاكم الشرعية بهذا الصدد.
وجاء في سياق القرار أنه بعد الاستماع لأقوال المدعية تبين أن اللجنة لم تجتمع معها نهائيًا لا بكامل هيئتها ولا بجزء منها، وحتى ان من اجتمع بها ليس سكرتير محكمة بئر السبع الشرعية ولم يجتمع معها في المحكمة في بئر السبع لا هو ولا غيره، وان مدير المحاكم الشرعية وكما هو واضح في عدة ملفات امام هذه المحكمة لا يحضر جلسات المدعوة بجلسات إعفاء الا انه رغم ذلك يوقع على مستند مقدم للجهاز القضائي كبيِّنة من خلاله يشهد أنه سمع مقدمة الطلب وكأن ذلك في الجلسة المنعقدة في بئر السبع، على الرغم أنه لم يحضر ولم يسمع مقدمة الطلب ولم يجتمع بها وبعبارة أخرى وقع مدير المحاكم الشرعية على مستند لا يعكس الحقيقة مع علمه بذلك.ووقع على شهادة ضبط غير صحيحة وقام بتحرير مستند يوهم بالحقيقة وساهم في تقديمه للمحكمة من خلال إجراء قضائي مظهرًا بهذا واقعًا لم يكن ثايتًا امامه اصلًا. وجاء في القرار ايضًا؛
" هذا الأمر ليس بالأمر الهين لا من الناحية الأصولية وفق هذه الأنظمة ولا من الناحية القضائية القانونية المترتبة على مثل هذا التصرف. فمثل هذا التصرف هو عبارة عن تشبيه غير الاصل بالأصل لتهيئة ولتحسين والايهام وتمويه الحقيقة وتغييرًا للحقيقة ووصفها بخلاف صفتها وكل ذلك في مستند مقدم للمحكمة يؤدي في نهاية الأمر بإعفاء من رسوم مدفوعة لخزينة الدولة.
القاضي مدلج أشار إلى ظاهرة خطيرة يقف ورائها موظفو دولة يعملون في سلك القضاء مسؤوليتهم إظهار الحقيقة ومن المتوقع منهم ان يمثلوا هذا القطاع امام الدولة وأمام الجمهور بصدق وأمانة، ويتوجب عليه وفق توجيهات رئيس محكمة الاستئناف الشرعية وبموجب القانون ايضًا في حالة ظهور شبهة لمخالفة قانونية ان تقوم بتحويل الامر للمستشار القضائي للحكومة، بناء على ذلك امر بتحويل القرار مع المستندات المرفقة للمستشار القضائي للحكومة للتحقق من الشبهات الجنائية ويكون ذلك غير منحصر على ملف هذه الدعوى بل على جميع الملفات المذكورة في هذا القرار والملفات المشابهة امام المحاكم الشرعية......)
---------------------
هذه القضية لم تنته هنا بل رفعت إلى محكمة العدل العليا وتطورت إلى احداث مثيرة جدًا، سنكشف عنها في
الحلقة رقم (3)؛ موعدنا معكم الساعة الثامنة من مساء يوم الخميس القادم.
18/01/2021 17:58 615