
ما انفكت وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي تنقل إلينا أبحاثا متعددة عن وباء كورونا ، تتجلى فيها مفاهيم المؤامرة العالمية ، في حالة من الهرج المتداول بين مؤيد لمفهوم المؤامرة ، وغير مؤيد وفي محاولة يقوم بها كل من يملك خبرة علمية ، او خبرة من الثرثرة التي تحمل كلمات الناس المتعددة وتطرحها على انها الحقيقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
هذا بطبيعة الحال أشاع بين الناس حالة من الهلوسة والهلع والوسواس ، الذي جعلهم ينتظرون شبح الموت الذي تسبقه المعاناة والتأوهات على اعتاب ملك الموت الذي سيطرق الباب في اي لحظة ، وبالطبع ما يرافق ذلك من حسرات على حياة لم يتمتع بها أحدهم بالشكل المطلوب واللائق ، دون ان يكون ذلك له علاقة بلقاء الخالق سبحانه.
لذلك نجد الناس يحاولون تحصين أنفسهم بالعزلة أحيانا ، وبالكِمامة ثانيا ، ثم باللقاح بغض النظر عن فائدته ، إلا انه يشكل في مكان ما طوق النجاة.
هذا أيضاً يدفع الى حصول إنفصامٍ في الشخصية بحيث يكون أقرب المقربين مشكوك في أمره ، بل وحتى قد يصل البعض الى حالة الشك في نفسه شخصيّاً ، فهو يعيش حالة من التعقيم المستمر الذي قد يسوقه الى أمراض جلدية بسبب إستخدام المعقمات اكثر من إستغفاره لله ودعائه له برفع الغمة.
هذا البناء الوهمي هو حصيلة تضخيم مفهوم الكرونا في حياتنا اليومية وسياق تعاملاتنا الزمنية ، وهو في حقيقة الأمر وباء بدون معنى ، امام طاعون الإحتلال وبناء المستوطانات ، والحصار الجماعي لأكثر من مليوني نسمة من البشر يبحثون عن لقمة الخبز فلا يجدونها إلا بشق الأنفس ، وبذل الكرامة والتضحية بكل غالٍ ورخيص في سبيل الإستمرار بالعيش اللاكريم.
طاعون الخزي والعار والإستسلام أمام هجمات المستوطنين على محاصيل الزيتون لفلاح بسيط ينتظر على أحر من الجمر من اجل جني الثمار ودفع الإلتزامات التي تعهد بدفعها عند جني المحصول.
طاعون التسليم بأن اكثر من 80% من أرض فلسطين التاريخية لم نعد نستطيع المطالبة بها لأننا لا نملك المطالبة بها أمام الإسترخاء فوق السجادة الحمراء والسلام الجمهوري ولقب السيادة والمعالي والعطوفة.
المعنى في كورونا صنعناها بأيدينا ، صنعنا الموت الأسود وأطلقنا الأبخرة وأبدعنا بأناشيد البطولة القديمة واناشيد الرثاء الجديدة ، فكنا نحن الوباء على انفسنا ، تحت مسمى شرعة القانون الدولي الذي وضعه البرابرة الفايكنغ ، الذين لم يشهد التاريخ بمثل وحشيتهم ، إلا نحن الذين جعلنا من ثقافة الإستعمار بانه ثقافة اخرى وأصبحنا كاننا نحن المستوطنين في زمن عابر .
أبدعنا في إسقاط كل معنى للتنازل عن الحقوق والتاريخ والشرع ، ولم نعدم حيلة في إسقاط مشروعنا القائم على الحق والعدل ، وأبقينا شعار القدس عروس عروبتنا ، حتى إذا سقطت تلك العروبة ، كان حقا على العروس أن تجد عريساً آخر وفي تلك اللحظة ، كان العريس جاهزا تزينه أيدي غسلت ايديها من كل شرع وعروبة كانت.
سيكون لنا قيمة حقيقية عندما نمتلك اخلاق الرسول فإن لم يكن فأخلاق البسيط الذي تربى على ان الوطن هو عرض ، وأن المستعمر والمستوطن هو طاعونٌ يحمل كل كل المعاني من أجل محاربته والقضاء عليه .
كفانا إسقاطات لغوية بمعاني مندثرة ، بل كفانا رمزيةً اننا نحن طاعون العصر ووبائه المميت .
نعم نحن كذلك ما دمنا أعداءً لماضينا المُشَرِّف ، وأصدقاءً لحاضرنا المقرف والمقزّز ، حيث نشتري الغثاء والظلم والبغضاء ، وكل ذلك ونحن نقبع وراء سجن بقضبان أبوات الذل والعار .
فاستبشروا خيرا
لاغالب إلا الله.
14/01/2021 13:42 512