لسنا في زمن نوح وعساف ليست السفينة التي جمعت من كل زوج إثنين لتنقذ البشرية بعد الطوفان بل بالتأكيد كان الإنسان الذي رفض الأنا ليستمع جيداً لذاكرة الفقراء الخصبة لانه ابنهم والبلاد تعرف ساكنيها الذين كستهم بلونها فصاروا يشبهونها كما البحر يصنع أمواجه التي تعانق الصيادين والمسافرين كما طاف عساف في أزقة المخيم فكتب بالفقر أروع القصص والروايات والحكم والحكايات وناشد الشمس الباحثة عن دودة القز لتصنع له ولامثاله الحرير. 

عساف لم يبقى في الكهف النفسي للفقر بل تاججت كل مشاعره وحملته أحلامه وطموحاته لتحقيق النصر على الفقر فقاد سفينة النجاة موشحا بالدم والإصرار وسنابل الحقد على الحاجة وسار إلى هناك حيث يتساوى الحلم والمحبة والوهج ولأن الله هو الرزاق منحه فرصة الظهور فدخل اسمه إلى كل العالم والعواصم والمدن والقرى والمخيمات...دخل اسمه الحارات والاحواش والأزقة والحواكير...دخل دهاليز الاطفال ووصل إلى روح الشباب ولم تسلم الشيوخ من وصول اسمه إلى قلبها.

لم ينسى لحظات الفقر والقهر لذا وجدناه فنانا استثنائياً قريباً من الجميع...لم يتكبر ولم يتعالى بل أحب الجميع والجميع بادله نفس المشاعر...فدخلت صورته إلى كل البيوت ووضعت في أطر وبراويز معلقة على اسقف الحيطان والمحبين والحالمين.

وما هذه الصورة الا تعبيرا حقيقياً عن تلمس عساف حاجة أصحاب الاحتياجات الخاصة وتجده تبرع للمخيمات ولمرضى السرطان والكلى وللصم وبيوت المسنين وللطلبة المحتاجين وللارامل وزوجات الشهداء والجرحى والأسرى.
عساف ليس فنانا بقدر ما هو إنسانا.