
في ظل حالة الإنكماش العربي والتموضع حول فكرة واحدة ، وهي أن العناق مع الصهيونية ، هو افضل من حالة التمترس وراء شعارات أصبحت في رأيهم فارغة من محتواها ، أصبح السؤال المطروح هو :
ماذا بعد؟
لا شك أنّ الشعب الفلسطيني يمر في أضيق حالات الجفاف السياسي الإقليمي على المستوى العربي والإسلامي ، وبصورة أوسع على المستوى الدولي.
فالأدوات الدبلوماسية فشلت فشلا ذريعا ، في الإبقاء على شعلة فلسطين كقضية مركزيةو محورية ، في المنطقة والعالم أجمع.
وبدون أدنى شك أن هذا الفشل الذريع كان متوقعا في ظل حالة الإنقسام السائدة بين طرفي الوطن ، الذين تم إختطافهما بفعل حالة التنافس الفصائلي بين قطبين عزيزين شكلا في فترة من الفترات الدرع الواقي للوطن السليب.
وهناك أيضا حالة التعطيل المتعمد لكافة الوسائل المتاحة في المفهوم الدولي ، وحق الشعوب في تقرير مصيرها والنضال من أجل ذلك بكل وسائل النضال ، وليس الوقوف تحت مسمى المقاومة الشعبية.
ألفلسطينيون الذين كانت تحفل بقضيتهم مراكز القرار العالمي ، غير موجودين إلا من خلال فقاعات كلامية يصدرها هذا الناطق أو ذاك المتحدث ، في كلام لا يساوي في سوق الفجل قيمته.
بالرغم من علامات الاستفهام حول سياسة القائد الراحل ابوعمار ، إلا أن الرجل كان يفرض القضية حتى في حفلات عيد الميلاد ، أو في تهنئة دولية ، بل إنه الزعيم الوحيد الذي دخل الى الأمم المتحدة يحمل سلاحه ، ويُلَوِّحُ بيده ويراوح بين سلاحه وغصن الزيتون.
ما يحدث اليوم هو نتيجة طبيعيّة لسياسة الترهّل في معالجة قضية بمستوى فلسطين.
الانسجام الفلسطيني السلطوي مع وهم أن فلسطين أصبحت دولة ، مشاركة في معظم المؤسسات الدولية ، ويتم عزف السلام الوطني الفلسطيني من على البساط الأحمر ، وتضرب المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية لمسئوليها ، ما هو إلا حالة من حالات الضياع وفقدان البوصلة النضالية التي قامت عليها منظمة التحرير الفلسطيني ، والتي يتم تفعيل مؤسساتها من أجل تمرير قرارات لا تخدم ثوابت الشعب الفلسطيني ، ولا حتى تحترم نضاله ولا دماء الشهداء وتأوهات الجرحى والمعتقلين من أبناء هذا الوطن المخطوف من أبنائه ، قبل مستعمريه.
كل ما يتم التفاخر به اليوم من إنجازات ، كانت بطريقة ما موجودة في ظل منظمة التحرير وتحت قياداتها التاريخية التي إنتقلت الى جوار ربها ، بسبب رفضها للمعادلات القائمة اليوم ، أو اكتشافها لحجم المؤامرة المرسومة على فلسطين وشعبها المقدام بعد أن قدّمت تنازلات تكتيكية ، كما حدث مع المرحوم بإذن الله أبو عمار.
اليوم يقف الشعب الفلسطيني على مفترق طرق من المؤامرات الداخلية يقوم عليها عملاء باعوا قضيتهم بالدراهم هنا وهناك أو دولارات او مناصب او جاه او عمامة.
والحال هذه هل من الممكن ان تعود فلسطين الرقم الصعب الذي كان يُلَوّح به أبو عمار كلما كادت أن تصبح القضية في المفهوم السياسي ولا أقول المفهوم الشرعي في خبر كان؟
نعم ، فلسطين رقم صعب يدور حوله العالم جميعا في محاولة حلحلته وبعثرته وطمس هذا الرقم من خلال اوهام التطبيع المصطنعة تحت إسم الأخوية العالمية ووهم الإبراهيمية وتسويقها على أنها المخرج من عنق الزجاجة.
في كل تاريخ فلسطين ، كانت سهولها و جبالها و وديانها و بحرها و أنهارها وسكانها ، جزءا لا يتجزأ من حالة المقاومة الرافضة لأ فيون الإستقلال تحت حراب المستعمر ، مهما كان هذا الأفيون يُجَمِّل هذه الحالة ويعطيها رونقها .
فلسطين هي التي أسقطت حكم الرومان ، وهي التي أسقطت جحافل الصليبيين في حطين و عكا و عسقلان و طبريا وهي التي دمرت جيوش التتار في عين جالوت ، وهي التي أسقطت المؤامرة الماسونية في تشريد الشعب الفلسطيني وإلغاء هويته الدينية والسياسية .
فلسطين وُجِدَت لتبقى في خانة التحدي والإصرار على وجودها إسلامية عربية منافحة عن كرامة الأمة و عنفوانها ، ولو بالبقية الباقية على أصولها و نخوتها و عاداتها.
التحدي القادم هو قدرة فلسطين على التحريك ، الذي لا يمكن ان يتم إلا بالتغيير من الداخل ، وإسقاط كل الوجوه المحروقة التي أصرت على التخلي عن شرفنا تحت باب المساومة و المقايضة ، وكأنها بضاعة إنتهت مدّتها ملقاة على أبواب السماسرة من ابناء رعاة الإبل وتجار العبيد الذين لا يشربون الخمر إلا بجماجم أطفالنا المدهوسة بآليات المستعمر المزود بنفط القتلة و المأجورين من أبناء العائلات التي زرعها المستعمرين من بقايا قبائل بني قريظة وبني النضير.
التحدي هو إستغلال القدرة التي نمتلكها ذاتيا ، دون الإرتهان الى مصالح الآيات في طهران وبيروت ، في إعادة فرض المعادلة الفلسطينية وتصحيح المسار وإعادته نحو الطريق الصحيح المضمخ بتاريخ التضحية والفداء.
التحدي هو قدرة فلسطين على إعادة الثقة الى أبنائها و رفعهم من تراب الإستقلال الموهوم ، الى سماء الوطن الموعود بنص القرآن وصحيح الحديث.
نحن أصحاب الصيحة الأولى ،ومن سماء قدسنا يكون معراج الأمم والشعوب الى السموات في يوم المحفل العظيم ، وعلى أرض فلسطين ستكون الملاحم العظيمة ، وذلك بإتفاق كل الشرائع ولا أقول الأديان ذلك أن الدين عند الله هو الإسلام وفيها سيكون خلاص الأمة من شر المسيح الدجال الذي يستعدون لقدومه ، ويقدم لهم العالم المسيحي المتشدد من انصار الحزب الجمهوري والديمقراطي في أمريكا على حدٍّ سواء كل التسهيلات الممكنة من اجل الخلاص العالمي ونزول المسيح عيسى عليه السلام.
نحن بعون الله الرقم الصعب ، في المكان الصعب في الزمان الصعب ، وقد خلقنا الله لذلك .
فعلينا حمل اللواء ، وكسر الأغماد ورفع الرقاب الى السماء ، والتقدم نحو الامام ، نحمل عقيدتنا في قلوبنا ، وتاريخنا في عقولنا ، وثقتنا بالله في مسيرتنا
فالله اكبر و ليخسأ الخاسئون
و استبشروا خيرا
لا غالب إلا الله
30/09/2020 21:22 627