ماية عام قد مرّت على ثورة العشرين في العراق ، هذه الثورة التي إندلعت بتاريخ 30/6/1920 في العراق حيث إمتدت الى كافة المدن العراقية من أجل مقاومة الإحتلال البريطاني ، الذي بلغت معاملته السيئة للعراقيين ذروتها في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ العراق المجيد.


ولقد كان السبب في إندلاع هذه الثورة هو قيام الحاكم الإنجليزي (ليجمن) في الرميثة ، بالقبض على أحد شيوخ العشائر الشيخ ضاري بن محمود شيخ عشيرة زوبع وهي أحد أفخاذ قبيلة شُمّر ، مما أدى الى دخول رجاله بالقوة الى مبنى الحكم في السراي الحكومي ، وإطلاقهم سراح شيخهم وقتلهم للحرس وتدميرهم سكة حديد الرميثة والسيطرة على بعض المدن وإلحاق الخسائر بالقوات البريطانية كما جاء في التقرير .


الأمر الذي أدى الى إنتشار الثورة في محافظات بغداد وكربلاء وغيرها من مدن العراق ، حيث دامت هذه الثورة لمدة ستة أشهر ، تكبدت خلالها القوات البريطانية ألفين وخمسماية قتيل وجريح بالإضافة الى عشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.


هذه الثورة انتجت في آخر الأمر حكما عربيا بقيادة الأمير فيصل بن الشريف حسين ، الذي أصبح ملكا على العراق في تلك الفترة .


ما حدث في العراق أثناء تلك الفترة يشكل نموذجا حيّاً لمفهوم الكرامة العربية والذود عنها بالمُهَج والأرواح.

وهنا نتساءل 
ألا يوجد إحتلال في فلسطين إنتهك كل المفاهيم والكرامة الإنسانية للإنسان العربي الفلسطيني الذي يقبع على أرضه منذ آلاف السنين.
 فإسرائيل تحتل الأرض الفلسطينية التاريخية من رأس الناقورة وحتى أم الرشراش ، بكل ما فيها من جبال وسهول وأنهار وأودية وأغوار ويناببع وبحيرات وبساتين ، والأهم من ذلك الأماكن المقدسة في ربوع فلسطين وعلى رأسها دُرّة التاج العربي الإسلامي، القدس الشريف وجوهرتها الأقصى المبارك.


وهناك أيضا الإنسان العربي الفلسطيني المرابط على أرضه بكل ما أوتيَ من قوة وعزيمة وإيمان، والذي تُنتهك حقوقه التاريخية في حكم أرضه بكل حدوها وإمكانياتها كما هم البشر في كل مكان.


ألم تستشعر القيادة في السلطة الفلسطينية الحالة المزرية من إنتهاك الكرامات اليومية للشعب الفلسطيني في ظل الإحتلال ، وذلك في الطرقات ومن على الحواجز بين المدن وفي المعتقلات ، وفي الإقتحامات اليومية للمدن والقرى الفلسطينية وما يجري فيها من إعتقالات للمناضلين المرابطين على أرضهم وزيتونهم ودور عبادتهم ، ناهيكم عن قيام قطعان من المستوطينين وبحماية الجيش الإسرائيلي بقطع أشجار الزيتون وحرقها ، بل ومهاجمة الناس الآمنين في بيوتهم وحرقهم فيها.

واليوم نحن أمام فرض القوة الصهيونية المدنية المحمية بالإطار العسكري على 30% من أراضي الضفة الغربية وعلى راسها منطقة الأغوار ، سلّة الإقتصاد الفلسطيني ومنبع سيولته النقدية ،وسياج الوطن الإستراتيجي لأي دولة( مستقبلية فلسطينية).

كل هذا لم يحرك شعرة عند المناضلين الأبوات وغيرهم من أصحاب الشعارات ، بحيث تتأجج الثورة ضد الظلم والعدوان .


إعتقال الشيخ ضاري في العراق ، أشعل ثورة فرضت معادلات جديدة على حكم بريطانيا في العراق ورضوخها لقيام حكم عربي تحت قيادة فيصل ، وإن كان فيصل والعراق مقيدان بمعاهدة عراقية إنجليزية ،إلا إنها إنتهت بثورات عراقية متتالية ، أنتجت حكومات وطنية كان آخرها حكومة القائد الرمز صدام حسين المجيد رحمه الله ، الذي ضرب مثالا للوطنية والشجاعة والصمود .


ألا يُشكِّل حصار غزة ، ووجود آلاف الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية ، وحالة اللاجئين في الضفة وغزة والشتات ، والسياسات الصهيونية في إبتلاع فلسطين شبرا شبرا ، سببا للإنتفاض على حكم الجلاد ، وإعلان الإنتفاضة على كل ما أنتجته إتفاقيات أوسلو من تفريط في الأرض والإنسان بكل ما تجسدان من مفهوم للشرف والكرامة والعزة المفقودة.

متى سنرى رجال كرجال الشيخ ضاري يقتحمون الحواجز والمعتقلات والقصور ويطهرون فلسطين أولا من دنس القائمين عليها والمتخاذلين والمتساقطين على لُقَم البيت الأبيض سوّدَهُ الله.

متى ستنتهي المؤتمرات الإسلامية بقرارات عملية يكون أهم ما فيها إعلان الجهاد من أجل إسترداد الحقوق المسلوبة ، وتبتعد عن تحية ارباب السلطة على مقاومة لم نراها منهم .

لا بد مما ليس منه بد ، فنحن بحاجة الى أمثال رجال عشيرة شُمّر ينتفضون على انفسهم أولا فينهون حالة الإنقسام ، ويطهرون العمل المقاوم من شخصيات لا زالت تؤمن بالعدو وما هو ممكن أن يؤخذ منه.

فلا بد من أن تنتهي الشعارات والإستنكارات والتنديد ، لكي يكون العمل المقاوم هو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين.

فاستبشروا خيرا
لا غالب إلا الله.