المسيرات الإحتجاجية في مدينة يافا وما رافقها من أحداث، كانت تعلن رفضها عن أي مَسٍّ بمقبرة الإسعاف الإسلامية في مدينة يافا .

ذلك ان أعمال الحفريات التي قامت بها بلدية تل أبيب منذ عام 2018، كشفت عن عشرات القبور الإسلامية بالقرب من مقبرة الإسعاف بيافا ، حيث بجانبها كانت هذه الأضرحة التي أُخرجت العظام منها والهياكل العظمية التي بداخلها والتي يعود تاريخها لأكثر من 200 عام ، حيث كان قد جرى دفنها على الطريقة الإسلامية .

 ومن خلال رؤيتها وهي موضوعة على جنبها في طريقة دفنها بإتجاه القبلة، تم تعريفها بأنها إسلامية .

وهنا إنتفضت يافا بقضِّها و قضيضها من أجل الدفاع عن تراب ضمّ بين راحتيْهِ رفات الأولين ممن شكلوا حضارة فلسطين وبنوا أعمدة بنيانها وأُسُسَ ديمومتها وإستمراريتها .

لم يسمح أبناء يافا رجالا ونساءً ، شيبة وشباباً واطفالا ، أن تنتهك حُرُمات المسلمين وهم في داخل الأرض وقد أكل الزمن منهم أشكالهم ، وأبقى عظامهم خالدة على طول الزمان كي تُخبرُ بأنهم موجودين في قلب فلسطين يافا الصمود.

 فإن كان هذا هو شكل التضحيات من أجل رائحة يتجسد فيها تاريخ الأمة ، وعلى بقعة لا تزيد مساحتها عن عشرات الأمتار ، فكيف بفلسطين من راس الناقورة الى أم الرشراش (أيْلة)، فمن يستطيع أن يفكر أن يتنازل عن شبرٍ منها ، فكل شبر من أرض فلسطين يحمل تاريخاً وذكريات وملاحم وشهداء ودماء وجرحى وانتصارات وإنكسارات وصيحات الله أكبر ، وصليل السيوف ودقات الدروع ، ودموع العابدين والمجاهدين والمرابطين والمقاومين والمدافعين والمذبوحين على مذبح التضحية والفداء.

بقايا الأحبة السابقين أشعلت النيران وصيحات الإستنكار والإستهجان في يافا الصابرة المقاومة المرابطة على الخطوط المتقدمة في الذوْدِ عن ثرى فلسطين.

فكيف يستسيغ المفاوض أن يتنازل عن شبر من هذه الأرض المقدسة ، بل ويقدم الإقتراحات التي يتنازل من خلالها عن إستقلاله الإقتصادي والعسكري والكياني ، بل وعن القسم الأكبر من القدس وتحت مُسمى القدس الشرقية ،وكل ذلك من اجل رتبة رئيس الجمهورية وحرس الشرف والقاب السيادة والسعادة والفضيلة والنيافة.

وفي المقابل هل يعي بني صهيون عربا كانوا أم يهودا أم إنجليكيين أن مشكلتهم عويصة مع الموتى الفلسطينيين المدفونيين في بطن هذه الأرض والذين يشكلون خطّاً دفاعيا عن عروبة وإسلامية هذه الأرض ، فكيف بمن يعيشون فوقها في كل جبل ونهر وسهل وساحل وقرية ومدينة ومخيم وزقاق ، ومن يحملون مفاتيحهم من أبناء فلسطين وممن يعيشون حول فلسطين على بُعد أمتارٍ منها ، وعلى مساحة الكرة الأرضية ، والذين يتوجهون بأبصارهم وصلاتهم وقلوبهم إليها الى فلسطين نبض الأمة ومحور عزّتهم وكرامتهم . 

لا بُدّ لهذا الإستعمار أن يعي أنّه لن يستطيع أن يسلخنا عن قضيتنا وارتباطنا بأرضنا سواء كان ذلك بصفقة القرن أم بإتفاقية أوسلو ، ولن يجردنا من حصوننا مهما إستخدم من أسلحة وجيوش ، ففلسطين هي فلسطين بمساحتها البالغة سبعة وعشرون الفا ونيّف ، ودون أن ينقص منها مللميتر واحد ، فكيف بأربعة أخماسها.

غداً ستكون شمس فلسطين مُتدفقةٌ بخيوطها الذهبية المُوَحِّدَة والمُكَبِّرة 
بأنّ موعدهم الصُّبح ، أليس الصّبح بقريب.

فاستبشروا خيرا
لا غالب إلا الله.