تمر بنا في هذه الأيام ذكرى أليمة من الذكريات التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني ، والتي يستذكر فيها حالة من حالات النضال والبطولة المميزة ،والتي اضطر إليها هذا الشعب الأعزل من اجل نيل حقوقه التاريخية على أرض فلسطين الممتدة بإمتداد التاريخ من البحر إلى النهر ، إن يقدم العديد من التضحيات المؤلمة ، من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، وهو دحر المحتل المستعمر عن كافة الأرض العربية الفلسطينية، ونيل الشعب الفلسطيني حريته والحَق في إن يعبر عن مطالبه المشروعة في تحقيق مشروعه الوطني. 


ففي الفترة الممتدة من2 الى 12 -4 من عام 2002، قامت قوات الإحتلال الإسرائلية بإقتحام مخيم جنين في معركة صعبة من بيت إلى بيت داخل المخيم الذي يضم في ذلك الوقت أكثر من 14000 نسمة .

وهو إجتياح كان تحت مسمى السور الواقي ، والذي كان يهدف إلى كبح وإنهاء الإنتفاضة الفلسطينية ، وهي عملية شارك فيها أكثر من ستين دبابة وعشرات المركبات المدرعة وطائرات حربية ومروحية، حيث قامت بهدم البيوت على ساكنيها .

وفي المقابل وبالرغم من قلة إمكانيات، قاوم المناضلون الفلسطينيون بالبنادق والمتفجرات البدائية ، لعشرة أيام إستطاعوا إلحاق خسائر مهمة في الجيش الإسرائيلي الذي إي إرتكب مجازر بشعة بحق الفلسطينيين القاطنين هناك حيث عشرات من القتلى والجرحى .

قال تيري رود الموفد الخاص للأمم المتحدة عندما زار المخيم : " فظاعة تفوق التصور.....كانّ زلزالا ضرب المخيم..... الأمر مقزز على الصعيد الأخلاقي". 
لقد قامت قوات الإحتلال بعد إعدام العشرات بدفن المئات في الساحة المركزية المخيم، ثم ردمتها بالجير الحي والإسمنت.

الحصيلة كانت ثمانية وخمسون ممن نحتسبهم شهداء عند الله ، وخمسة وخمسون قتيلا من جنود الإحتلال.

لسنا بصدد سرد التاريخ وتفاصيل هذه المجزرة والمقاومة الباسلة غير التصدي للعدوان الغاشم على مخيم جنين ، وإنما نستذكر مفاهيم الإستعمار في الإحتلال والسيطرة وما رافق ذلك من قتل وتعذيب وتدمير يندى لها جبين الإنسانية وكافة المفاهيم الإنسانية والتعامل الحضاري مع من هم يعيشون تحت الإحتلال .

إنّ ما حدث في مخيم جنين وكافة مناطق السلطة الفلسطينية وما تخلل ذلك من وحدة تنظيمية وفصائلية في التصدي لهذا المحتل ، يضىء في انفسنا الأمل بأنه لا شيء يوجب الفرقة بين ابناء الشعب الفلسطيني الواحد، بل هي دعوة للوحدة من اجل أخذ زمام المبادرة لإنهاء الإنقسام ، وإعادة توحيد الكلمة ونبذ المصالح الشخصية في التعامل المزدوج مع قادة الإحتلال ،تحت حجة ان الشعب الفلسطيني لا يستطيع أن يقدم أكثر مما قدم .

إنّ ما حدث وما سيحدث هو قدر الله الذي قدره على هذا الشعب المقاوم ، في التصدي للإحتلال والتأكيد على أنه مهما بلغت قوة العدو ، فإنه لا يمكن التنازل عن ثابت واحد من ثوابت وحقوق المسلمين في فلسطين التاريخية ، وأن تَقّدم الشعب الفلسطيني لمقارعة الإحتلال وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية نيابة عن الأمة الإسلامية ، ما هو في حقيقة الأمر إلا وسام شرف رباني لأبناء فلسطين .

فاستبشروا خيرا
لاغالب إلا الله.