الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وبعد:

يقول الله جلا وعلا : { وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون * بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآيتنا إلا الظالمون }،

قال ابن الجوزي في زاد المسير: أي القرآن ، والذين أوتوا العلم : هم المؤمنون الذين حملوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملوه بعده. وإِنما أُعطي الحفظ هذه الأمة، وكان مَنْ قبلهم لا يقرؤون كتابهم إِلاَّ نظراً، فاذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه سوى الأنبياء، وهذا قول الحسن.

فحفظ القرآن في الصدور من أعظم النعم ومن أعظم الأعمال الفاضلة التي يعظم بها الأجر لأنه سبب:

- لكثرة القراءة أثناء الحفظ
- ولتيسّر القراءة بعد الحفظ
- إضافة إلى ما يكون من جراء ذلك من أثر محمود على القلب والنفس.
وقد قال الله تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }.
فهو ميسر في تلاوته وفي حفظه وفي فهمه والعمل بما فيه . . . قصة سورة الحديد.

وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِى الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ).

وأما الوسائل المعينة على الحفظ:


1.  الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر والحفظ في الكبر كالكتابة على الماء.

الإنسان عندما يولد يكون الحفظ عنده في القمة، ولكن فهمه لاشيء، فالفهم قليل جداً، والحفظ يرتفع جداً وكلما كبر كلما ارتفع الفهم وقلّ الحفظ وهكذا بمرور السنوات .. سنوات الطفولة والشباب .. حتى يصل إلى سن العشرين إلى الخامسة والعشرين تقريبا .. يتساوى عنده الحفظ والفهم، ثم يبدأ يقل الحفظ أكثر ويزداد الفهم أكثر.

أما في الكبر فيحتاج إلى عامل مساعد على الحفظ، هذا العامل هو : الرغبة .. التصميم .. الإرادة .. العزم .. قوة الهمة .. الهمة العالية

2.  تصحيح القراءة مقدّم على الحفظ، وله فوائد:

-  تصحيح التلاوة يجعل الطالب يحفظ أسرع بكثير من الذي لا يصحّح قبل الحفظ عندما تصحّح الحفظ تحفظ بما لا يقل عن 30 % من الصفحة قبل الحفظ مجرد التصحيح يفتح ذهنك وبحضور الشيخ، فيتجاوز 30% من الصفحة فيبقى عليك 70%.
-      تصحيح القراءة يعين على معرفة مواطن الوقف والابتداء.

3.  اختيار وقت الحفظ:

أفضل أوقات الحفظ هو وقت السحر قبيل الفجر .. يقول الإمام ابن جماعة: " أجود الأوقات للحفظ الأسحار، وأجودها للبحث الأبكار، وللتأليف وسط النهار، وللمراجعة والمطالعة الليل ".
وكذلك من الأوقات التي يغفل عنها بين الأذان والإقامة، وهو حل لقلة الأوقات وضيقها.

4.  الاقتصار على طبعة واحدة من المصحف ولا يغيره.

5. التكرار:

عملية التكرار تحمي الحفظ من التفلت والفرار، عن أَبي موسى - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( تعاهدوا هَذَا القُرْآنَ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبلِ فِي عُقُلِهَا )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ، قَالَ : (( إنَّمَا مَثَلُ صَاحبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسَكَهَا، وَإنْ أطْلَقَهَا ذَهَبَتْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

هناك نظرية تقول: إذا حفظت حفظا .. يوضع في ملفات مؤقتة ثم بعد ذلك ينزل إلى الملفات الثابتة في اليوم الثاني أو الثالث ..
تحفظ في الصباح صفحة ثم تصلي بها الضحى ثم سنة الظهر وهكذا

6.  المراجعة:


الناس نوعان: إما حفاظ للقرآن كاملاً، وإما حافظين لأجزاء محددة
الحفظ الجزئي يحتاج إلى قراءته دوماً .. بحيث لا يمر عليك الأسبوع إلا وقد مررت على كل حفظك ... خذ هذه قاعدة لك ..
وينبغي أن يكون للمبتدئين يومياً قسط من الحفظ الجديد، وقسط من المراجعة، وقسط من القراءة.
وأما حفاظ القرآن الكريم كاملاً فمراجعتهم تكون بختم القرآن كاملاً، ولكن في كم يختم القرآن؟

ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر بن العاص - رضي الله عنهما - : قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : « أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّك تصومُ الدَّهرَ ، وتقرأُ القرآنَ كُلَّ لَيلَة ؟» قلتُ : بلَى يا نبيَّ الله، ولَم أُرِدْ بذلك إلا الخيرَ، قال :« فصُمْ صَوْمَ داود وكان أعْبَدَ النَّاسِ واقرأ القرآن في كل شَهْرٍ »، قال : قلت : يا نبيَّ الله ، إني أُطيقُ أَفْضَلَ من ذلك ، قال: « فاقْرَأْهُ في كلِّ عشرين »، قال : قلت : يا نبيَّ الله ، إني أطيق أفضل من ذلك ، قال : « فاقرأْهُ في كل سَبْعٍ ، لا تَزِدْ على ذلك ». قال : فشدَّدْتُ؛ فشُدِّدَ عَلَيَّ ، وقال لي: « إنك لا تدري ،لعلك يَطُولُ بك عُمرٌ » ، قال: فَصِرْتُ إلى الذي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كَبِرْتُ وَدِدْتُ أَنِّي كُنتُ قَبِلْتُ رُخْصَة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم.


وفي رواية الترمذي قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، في كَمْ أقْرَأ القرآنَ ؟ قال : اخْتِمْهُ في شهرٍ ، قلتُ : إني أُطيقُ أفضلَ من ذلك ، قال : اخْتِمْهُ في عشرين ، قلتُ: إني أُطيقُ أَفْضَلَ من ذلك ، قال : اختمهُ في خَمْسَةَ عَشرَ ، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في عشرٍ، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك ، قال : اختمه في خمسٍ ، قلتُ : أنِّي أُطيق أفضل من ذلك ، قال : « فما رَخَّصَ لي ».


وفي أخرى لأبي داود قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : « اقرأ القرآن في شهرٍ » قلت : أجِدُ قُوَّة ، فَنَاقَصَني وناقَصْتُهُ، إلى أن قال : «اقرأهُ في سَبْعٍ ، ولا تَزِد على ذلك » ، قلتُ: إني أجدُ قُوَّة ، قال : « اقرأ في ثلاثٍ ، فإنه لا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَه في أَقَلَّ من ثلاثٍ».
هذا لمن أراد أن يقرأ للتدبر والتفكر، أما من أراد المراجعة فلا بد أن يختم في فترة قصيرة . . .  وأفضل مقدار للحافظ أن يختم القرآن في أسبوع، بمعدل خمسة أجزاء يومياً (من قرأ الخمس لم ينس)

التسبيع : له بيت شعر :
بكرٌ عقودٌ يونسُ سبحانا **** الشعرا يقطين ق بانا

وروى أحمد وأبو داود وابن ماجة عن أوس بن حذيفة وفيه 000 فقلت يا رسول الله لقد أبطأت علينا الليلة قال إنه طرأ على حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج حتى أتمه قال أوس فسألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف تحزبون القرآن قالوا ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل.(ضعيف الجامع)
يوم السبت: بكر وهي سورة (البقرة) ... إلى عقود وهي (المائدة)

يوم الأحد عقود وهي (المائدة) ... إلى ( يونس) الاثنين (يونس) ..... إلى سبحانا وهي (الإسراء) الثلاثاء (الإسراء) .... إلى (الشعراء )
الأربعاء (الشعراء) ... إلى يقطين وهي (الصافات)الخميس من (الصافات) .... إلى (ق)والجمعة من (ق) .... إلى آخر القرآن.