تتعالى أصوات المفكرين والدعاة والأكاديميين للتحذير من خطر ما يسمى “الديانة الإبراهيمية” المستحدثة، لافتين إلى أن هدفها هدم الدين الإسلامي بمحاولات ستكون نهايتها فاشلة.

وحسب مراقبين، فإن مصدر الترويج لهذه الديانة هو مراكز بحثية ضخمة وغامضة انتشرت مؤخراً في ربوع العالم وأطلقت على نفسها اسم “مراكز الدبلوماسية الروحية”، يعمل على تمويلها أكبر وأهم الجهات العالمية مثل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والولايات المتحدة الأميركية.
ونبّه المراقبون من أن “الرؤية والرسالة الظاهرية لتلك المراكز البحثية تعتمد على التأكيد أن الأديان هى السبب الرئيسي والجوهري لإشعال أشد الصراعات عنفاً على مر العصور، والسبب عدم تقبل الآخر بسبب عدم فهم نصوص ديانته”.

وأخذت “مراكز الدبلوماسية الروحية” التي تعمل في إطار نشر المحبة والتسامح على عاتقها مهمة دعوة كبار رجال الدين في الأديان الإبراهيمية الثلاث، من أجل إيجاد قيم عامة مشتركة بين الأديان مثل “المحبة، والتسامح، المساواة، والتعايش وتقبل الآخر” إلى غيرها من القيم الحميدة، ثم تشرع في بثها وخاصة بين الأجيال الجديدة من أجل غرس كره خفي للأديان التي يتبعونها وخلق ميلاً إزاء اعتناق الدين الإبراهيمي الجديد ولقد بدأت بالفعل “مراكز الدبلوماسية الروحية” في تنفيذ مخططاتها على نطاق واسع، وفق المراقبين.

وتعالت التحذيرات من أن “ما يجري هو عملية غسيل مخ بغرض إعداد أجيال تُقبل على اعتناق الديانة الإبراهيمية الجديدة عند طرحها في المستقبل القريب على أنها الدين العام العالمي، وعندئذِ تتحول المراكز البحثية إلى أماكن ومزارات مقدسة تحل محل المعبد والكنيسة والجامع”.
الداعية والباحث الشرعي مصطفى إبراهيم، انتقد في حديثه لـ”وكالة أنباء تركيا”، الداعين إلى ما يسمى بالدين الإبراهيمي، مؤكداً أن “إبراهيم كان على دين الإسلام طبقاً لما أكده القرآن الكريم الذي قال الله تعالى فيه (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)”.
وأضاف إبراهيم أن “جميع الرسل المرسلين من قبل الله تعالى كانوا مسلمين ودعوا إلى الإسلام، وهذا الأمر مذكور ومؤكد في آياتٍ كثيرةٍ في القرآن الكريم منها قول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)”.

وتابع أن “الدعاة إلى الدين الإبراهيمي يريدون تمييع الإسلام وخلط الشرائع السماوية الثلاثة الإسلام واليهودية والمسيحية في دين واحد لكي يفتحوا الباب للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ولكي يضيعوا قضية فلسطين والقدس الشريف، وهذا يناقض أصولاً ومبادئ ثابتة في الإسلام، ويناقض ويعارض الآية الكريمة التي يقول الله فيها (لكم دينكم ولي دين)، وهو ما يعني أن للمسلمين دينهم المستقل ولغيرهم من أصحاب الشرائع والأديان دينهم ولا يجوز ولا يصح خلط تلك الأديان مع بعضها، ولا يمكن جعلها ديناً واحداً بأي حال من الأحوال”.

وأكد أنه “لا فصال ولا مجال للتلاعب بالعقيدة الإسلامية ولا يمكن أن يقبل المسلمون بأن يضيعوا دينهم، أو أن يزيلوا الفروق بين العقيدة الإسلامية الصحيحة، وبين باقي العقائد والملل الخاطئة والمحرفة”، مشدداً على أن “هذه أمور لا مجال للتفريط فيها أو التهاون بشأنها”.

واختتم إبراهيم حديثه بـ”دعوة المسلمين إلى التمسك بدينهم وعقيدتهم وعدم التفريط فيها، وإلى رفض تلك الدعوات المشبوهة والمأجورة”، مشدداً على أن “من يسوي بين الإسلام وغيره من الشرائع والأديان يهدم أصول الإسلام وينقض دعائمه ويهدم أركانه”.

تحذيرات أخرى أشارت إلى أن “هدف الديانة الإبراهيمية ومن يروج لها هو إخراج المسلمين خطوة خطوة من الإسلام وعقيدته وشريعته ورابطته إليها، ويلتقون في غلافها وتحت رايات السلام باليهود، فتفقد بذلك مقدسات الإسلام منزلتها وقداستها في نفوسهم، وتصير مقدسات إبراهيمية مشتركة بينهم وبين اليهود، ولا حرج عندهم في أن يضع إخوتهم في الإبراهيمية من بني إسرائيل أيديهم عليها، حسب كثيرين.

من جانبه، قال الدكتور في الفقه المقارن، محمد موسى الدالي في منشور على حسابه في فيسبوك “زعم أهل الباطل أن هناك دينا يشمل الإسلام، مضمومًا إليه ما يسمونه باليهودية والنصرانية، وأن هذا الدين هو الدين الإبراهيمي نسبة إلى الحنيف المسلم نبي الله تعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهو أبو الأنبياء عليهم صلوات الله تعالى وتسليمه، وبالتالي فالانتساب إلى دينه أولى، وأدعى للسلام والتعايش، بما بين تلك الشرائع – على زعمهم – من مشترك إنساني، فزعموا أن دينه يشمل تلك الشرائع الثلاثة، ومن ثم يمكن أن يوجد دينٌ واحدٌ يشملهم الثلاثة، وهذا زعم باطل، ومحض بهتان، فإن نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم مسلم بنص القرآن، نفى الله تعالى عنه أن يكون يهوديا أو نصرانيا، قال تعالى (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)”.