بعد حوالي خمسماية يوم من التدمير والقتل الممنهج، خرج علينا المقاول ترمب بخطة لحل القضية الفلسطينية من جذورها ،فيما يقال انها رؤية جديدة وإبداعية ،تقوم ع وبكل بساطة على،تهجير الشعب الفلسطيني في غزة إلى مصر والأردن من أجل إيجاد حياة كريمة وآمنة لهم ،كما يدعي المبدع ترمب 
ثم اضاف لإبداعه الزجّال نتن ياهو في رده على موال ترمب ،تتمة بيت الشعر ،عندما دعا إلى إقامة دولة فلسطينية داخل اراضي المملكة العربية السعودية ،وبذلك يتم حل القضية وتسوية مالم تستطع تسويته الآلة الحربية العالمية أثناء صب حممها على غزة وأهلها. 

وبعد هذا الطرح الجميل ،فطن العرب أن هناك تهديد كبير للأمن القومي العربي بسبب هذه الخطة الحمقاء ،ولم تسعفهم عقولهم طوال ايام المذبحة أن يروا الخطر الداهم الذي يهدد أنظمتهم إن سقطت غزة ومناضليها، وهم من يشكلون الخط الأول في الدفاع عن الأمة بزعمائها وعروشها وشعوبها وثرواتها.

فأخذت المنظومة العربية تفكر في إنقاذ نفسها لا في إنقاذ غزة هاشم ،أمام غضب ترمب وزبانيته ،ووضعت عنوانا اسمه الخطة العربية التي وضعت أو ستضع أسسها مصر ،والتي تقوم على عنوان جذاب هو (لا للتهجير، نعم لإعادة البناء في ظل بقاء أهل غزة على أرضهم).

والغريب أن هذه الخطة ستوضع على الطاولة في مؤتمر القمة العربية في السعودية ،دون أن يكون صاحب الحق الذي دافع عن الأرض وقدّم الشهداء والجرحى، وأثبت وجوده وقدرته بعد التوقف المؤقت للحرب ،على إدارة غزة سياسيا وعسكريا .

والعجيب أن يكون علم فلسطين أمام سلطة فلسطينية متآمرة فاشلة ،لم تقدم شيئا سوى تطويق المناضلين في الضفة ،وسرقة المساعدات في غزة،ومحاولة تأليب العشائر هناك في أشد ساعات الحرب على المناضلين والمضحين بحياتهم، من أجل استرداد الحقوق المسلوبة،التي وضعها أصحاب الياقات تحت أقدام مصالحهم الشخصية ،ومصالح أبنائهم. 

ما تسرب من معلومات عن الخطة العربية هو 
أن الخطة تستند إلى إقامة إدارة فلسطينية خاضعة (للسلطة الفلسطينية)،بدون مشاركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى ،بحيث تكون مسؤولة عن تنفيذ وتنسيق إعادة الأعمار الأساسية ،وتشغيل منظومات البنى التحتية الحيوية ،وتشغيل معبر رفح في الطرف الفلسطيني. 

الشيء المضحك هو أن هذه الخطة تقول أنه لا يوجد خطة عمل لسببين هما
اولا/لا يمكن للمقاومة الفلسطينية أن تقبل بهذا الطرح المقزز، لأنها وثيقة استسلام وتسليم لسلطة بائدة والتي تشكل جزءا من منظومة الأمن الإسرائيلي، الذي يسعى إلى تدمير كل عمل مقاوم سواء كان سلميا ام حربيا ،يعمل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ،حتى ولو قامت على تراب غزة فقط.
ثانيا/هي خطة غير مقبولة إسرائيليا ولا أمريكيا ،لأنهما متفقتان على عدم مشاركة السلطة في اي حل مستقبلي لغزة.

ترامب يبحث عن صفقة القرن المحسنة، وهي تقوم حقيقة في الحقبة الترامبية الثانية على صفقة التريليون مع السعودية ،من خلال سلام يتم توقيعه بين السعودية التي تعلن أنه لا يوجد اتفاقيات سلام دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ،وإسرائيل التي ترفض حتى النطق بإسمها .

الشغف الأمريكي بالأموال السعودية ،ممكن أن يخلق للسعودية دورا فعالا في فرض أجندة عربية إسلامية على أمريكا وإسرائيل والغرب، تقوم على أننا مستعدون على بذل الأموال ،ولكن تحت سقف إيقاف الحرب على غزة ،وعدم التهجير لأهلها ،ودعم قيام دولة فلسطينية مستقلة ،يقودها أبناؤها المنتخبون من شعبهم المرابط والمناضل في فلسطين والمهجر.

هذا الطرح يجب أن يكون في جوهر الخطة العربية ،حيث يفهم من لا يفهم ،أنه لا حل بتجاوز المشاكل الأساسية والوجودية أو كنسها تحت البساط الأحمر ،بحجة ترطيب الأجواء مع سادة البيت الأبيض الجدد.

لا يمكن تجاهل ما يحدث في الضفة الغربية من اعتداءات للمستوطنين هناك ،ومحاولات التهجير هناك،والتي بدأت بالفعل من خلال التدمير الممنهج للمخيمات ،ونزوح عشرات الآلاف منها بسبب هذه الحرب الشعواء. 

على العرب أن يصلوا الى نتيجة مهمة عند طرح خطتهم ،أن كل الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل، منذ كامب ديفيد ،وأوسلو ،ووادي عربة،واتفاقات ابراهام ،لم تخلق شرق أوسط مشرق بالسلام والإطمئنان .

مايخلقه هو دعم الصمود التاريخي لأبناء فلسطين على أرضهم، من خلال تزويدهم بكل ما يتطلب صمودهم .

وعلى العرب أن لا يستسلموا لوهم أمريكي يقول أننا أمام شرق أوسط جديد سيكون بلا تحديات ولا تهديدات .

لقد آن الأوان أن تُكشر العربية السعودية عن أنيابها الاقتصادية والسياسية للحفاظ على عمق الأمة العربية والإسلامية ،فلم يعد هناك احد في الساحة غيرها، كي يتصدى لهذا الخطر الصهيو أمريكي الداهم على مقدرات الأمة ،واستقرارها السياسي .

ولا غالب إلا الله