عند الحديث عن تمدد الحضارات وتصنيفها بين التمدد الذ يقال عنه ديموقراطي والذي يمثل الغرب بشكل عام، وآخر تم تصنيفه بالتمدد الديكتاتوري، يكون بذلك الطرح قد وجه الحديث بسهامه نحو الإسلام والمسلمين على وجه الخصوص ،خصوصا بعد تم إسقاط الشيوعية في أوروبا والتي انتجتها الماسونية العالمية لخدمة اهداف سياسية واجتماعية واقتصادية تم تحقيقها في فترة مهمة من الزمن .
الخطر الرئيسي على أوروبا كان ولازال هو الإسلام ،الذي بدأ يتملك قلوب الأوروبيين ،مستغلين المساحة المهمة التي أتاحها الغرب لأبناء الغرب في حرية التعبير حيث تمكن المسلمون من التقدم هناك في مختلف المحاور والأصعدة.
لذلك كان لا بد للماسونية عبر أدواتها في الحكومات الغربية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية،أن تعمل على إحتواء المد الإسلامي فيما يسمى (حوار الحضارات)أو(الحوار بين طرفي البحر الأبيض المتوسط)،أو عبر الحوار الأوروبي الخليجي ،وحتى الحوار الصيني الخليجي والإفريقي
كل ذلك الجهد ،هو محاولة إمتصاص الزخم في التمدد الإسلامي بسلاسة ودون اراقة دماء ،وحتى لا تتكرر الصورة التاريخية التي حدثت في سيطرة الخلافة الإسلامية ،في عهدها الأول منذ زمن سيدنا عمر بن الخطاب على أجزاء من آسيا وإفريقيا وكذلك زمن عثمان ثم الدولة الأموية والتي وصلت إلى حدود الصين ،وضمت الأندلس والهند ،إلى أن بلغ الأمر مداه زمن الدولة العثمانيه المجيدة، التي إقتحمت أوروبا عبر بوابة القسطنطينية (اسطنبول الآن)،بل واستمرت عبر السيطرة على معظم دول البلقان بما فيها البوسنة وصربيا والمجر وجنوب إيطاليا وحتى حدود المانيا وفرنسا ،وكذلك منطقة القرم ،بل واقتحمت روسيا وعاصمتها ثأرا منها لما فعله الروس في منطقة شبه جزيرة القرم.
هذه الذاكرة السيئة في عقول الغرب ،دفعتها للتفكير ،عن كيفية السيطرة على بلاد المسلمين في الوقت الحاضر ،بعد فشلها في الحروب الصليبية، فكان الفيل ألذي تمخض فولد فأرا ،وهو أهمية الحوار ووضع الأنظمة العربية والإسلامية تحت طاقية الغرب ،بعد أن ربطتها بمشاريعهم، والتي تحددها أولويات بناء السيطرة الغربية على مقدرات الأمة العربية الإسلامية.
هم يعتقدون أنهم قد اسقطوا العرب والمسلمين في حفرة الذل والإستسلام للصهيو غربية ،في إشارة واضحة إلى أن المسلمين في طبعتهم المحمدية المقاومة للظلم والإستبداد ،هم أشد خطرا من المتأسلمين بطبعتهم الغربية ،وهم بالتالي لا بد من إسقاط مشروعهم الإسلامي في عودة الخلافة ،وإعادة أمجادهم القديمة.
الغرب يؤمن كامل الإيمان،أن الخطر القادم هو من الشرق ،فهم يعلمون أن الوحيدين القادرين على إسقاط حضارتهم الزائفة، هم المسلمين إن إستعادوا ثقتهم وإيمانهم بالله وأحسنوا الظن به ،ذلك عندما كانوا كذلك خلال خمسين عاما من إنبعاث دولة الإسلام في المدينة المنورة ،حيث إستطاعت جيوش المسلمين إسقاط إمبراطورية فارس وطرد البيزنطيين من المنطقة العربية ،ثم بعد فترة من الزمن دكت جيوش المسلمين معاقل البيزنطيين في حاضنتهم الأناضول ،ثم إحتلال عاصمتهم القسطنطينية ،والسيطرة بعد ذلك على معظم البلقان ووصلوا إلى قلب أوروبا في حكم زاد عن ستماية عام دخل خلالها الألوف من الشعوب إلى حديقة المسلمين ،وكل ذلك عندما كانوا يحكمون بالعدل الرباني ،فكان المسلم إلى جانب المسيحي واليهودي وحتى من تبقى من أصحاب المذاهب الأخرى، يصنعون حضارة متميزة ومتفوقة على غرب كان يرتع في ظلمات الجهل وحكم الكنيسة التي كانت تمص دماء أبنائها عبر صكوك الغفران التي ما انزل الله بها من سلطان.
المسلمون متخصصون في إسقاط الإمبراطوريات منذ قديم الزمان ،وليس إسقاط بضعة دول هنا وهناك تشكلت في غفلة من الزمن ،والذين تحركهم ايدي الماسونية ،لتحقيق التفوق الصهيو يهودية ،والصهيو إنجليكية، والصهيو عربية وهم بالطبع من اشد الأخطار على الأمة، ذلك أنهم يتكلمون بلسان عربي ويصلون في المساجد ويحجون البيت ويصومون رمضان ،إلا أنهم أصحاب رتب ماسونيه يقومون بوظائفهم التدميرية لأي محاولة للشرفاء من إعادة مجد الأمة إلى سابق عهده في التقدم عبر كل المجالات والطرق والسبل في سبيل الدفع نحو حضارة يتوجها الإسلام كما فعل طوال سنيه المجيدة التي حكمت العالم ،الذي وحتى مئة سنة مضت ،كان العالم يقف على أعتاب الخلافة يطلب ودها ورضاءها .
مهما حاول الغرب أن يفرض كذبته الديموقراطية في حوار الحضارات ،ومحاولة إلغاء قوة الإسلام الحقيقي من خلال ما يسمى الديانة الإبراهيمية، فإنه سيفشل فشلا ذريعا ،في تحقيق مراده الخبيث ،وهم باتوا على قناعة أن ما يقومون به من الاعيب ،إنما هي محاولة الغريق في التمسك بٍقشة الحضارة الغربية الكاذبة الفاضحة، والتي انكشفت تماما في تخليها عن كل قيم الإنسانية ،وكافة حقوق الإنسان والطفولة والنساء والكهولة ،والطبابة والتعبير عن الذات وحق الحياة وحقوق البيئة والتعليم والاستقلال والحدود الآمن والعيش بسلام،كل ذلك إنكشف فيما حصل في غزة من تدمير للبشر والشجر والحجر بكل تفاصيل الحياة هناك ،أمام الإهتمام بحياة كلب أو حمار أو شجرة أو طير في أوكرانيا.
نستطيع القول أن غزة الفاضحة كشفت كذبة الغرب التي لطالما سوقتها عبر جيوشها تارة وعملائها والدول التي أنشأتها تارة أخرى.
نحن اليوم نقف على مفصل الكرامة في عودة الأمة إلى سابق مجدها،حيث المخاض في إسقاط القادة المتأسلمين وبالتالي سقوط أجندات الغرب في تدمير الأمة والحول دون تقدمها وإعادة حضارة العدل التي أسسها كتاب الله عز وجل ،ورعاها الرسول الكريم صل الله عليه وسلم، وتبناها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تاج العدل وقلبه النابض ،ومن جاء بعده ومشى على نهجه .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
فاستبشروا خيرا
18/11/2024 20:35