
هاهي الإنتخابات الأمريكية قد شارفت على الإنتهاء ،وملامح فوز ترامب قد أصبحت أقرب للحقيقة منهاللخيال .
لا أستطيع أن أقول أني حزين لعدم فوز هاريس ،أو أنني سعيد لفوز ترامب ،فكلاهما يحمي مصالح الإمبريالية وعلى رأسها وجود إسرائيل ،ككيان قوي غير مُهدد من أي جهة كانت ،خصوصا أن وجود إسرائيل يحقق ما يؤمن فيه اليمين المسيحي،بتحقيق الأمن لأبناء يهوة وهو بالتالي ضرورة من ضرورات نزول المسيح الذي يمثل في رأيهم الحكم العالمي للصليب في العالم والقضاء على كل قوى الشر أعداء المسيح وعودته لهذا العالم.
ظاهر الأمر أن مرحلة ترامب الثانية ستكون معقدة وصعبة ،خصوصا أنه سيعمل على فرض أجندته العالمية فيما يخص الصراعات في العالم ،وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط ،بما يتلاءم مع رغبته في عدم خوض حروب عن الآخرين ،والعمل على وضعهم تحت مظلة التهديد والتلويح بإستخدام القوة المباشرة ،وهو تلويح يجند فيه قوى إقليمية تقوم بالدور المناط بها من أجل تحقيق مصالح أمريكا في العالم .
في المقلب الآخر كان ترامب واضح المعالم في طرحه بالنسبة للصراع الروسي الأوكراني ،وهو إيقاف الصراع والدخول في مفاوضات لا تكون فيه روسيا خاسرة بطريقة ما ،وهذا يثير المخاوف الأوكرانية ،وكذلك بالنسبة للملف الصيني والنزاع مع تايوان ،بالإضافة إلى تفوق الإقتصاد الصيني والذي يتحكم بمفردات كثيرة من مكونات الإقتصاد الأمريكي، وبالتالي الأهداف السياسية الترامبية بما يتلاءم مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وبطريقة لا تهدد الصورة الإعتبارية للولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى لها مصالحها واستثماراتها في العالم.
بالنسبة لنا أمريكا /ترامب ،تدفع نحو تحقيق وجود إسرائيل الكبرى سواء من خلال إعادة إحياء صفقة القرن ،والتي تعتبر أهم بوابة لولوج إسرائيل إلى العالم العربي والإسلامي ،ولو كان ذلك من خلال فرض حلول على كل زعماء المنطقة،بما فيهم سلطة أوسلو والتي ترى نفسها مؤهلة لتنفيذ سياسة ترامب خصوصا بعد أحداث غزة ولبنان.
ترامب سيعتمد على إسرائيل في تنفيذ اجنداته بما يحفظ أمن إسرائيل بالدرجة الأولى ،وفي نفس الوقت يعتبر نفسه ورؤيته بشرى للعالم وبشكل خاص على الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بشكل خاص.
تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، عامر بالإخفاقات والإنحياز إلى جانب إسرائيل سياسيا وعسكريا وإنجل -تواراتي.
بعد التضحيات والدماء التي سالت في أرض الأنبياء والمرسلين خلال فترة الأربعة سنوات الماضية وخصوصا في خلال السنة الماضية،فإن سياسة العصا والجزرة لن تجدي نفعا مع الشعب الفلسطيني ،وخصوصا انه حتى الجزرة التي قدمها فيما مضى للشعب الفلسطيني قد تم دهسها تحت أقدام نتنياهو الذي لم يكن يتمتع بدعم برلماني وحكومي، فكيف وهو الآن يتمتع بقوة سياسية وبرلمانية.
سيجد نفسه ترامب أمام عالم متشكك سيئ الظن ،وأنه الآن أمام دول ترى في نفسها لاعبا رئيسيا، تملك مفاتيح اللعب والتحكم بقواعده ،خصوصا أن ذكرى ترامب وهو يدير ظهره لحلفائه في المنطقة مثل السعودية في قضية الحوثي ،والإمارات في صفقة الطائرات F35،وسياسة العصا والجزرة مع إيران التي أستطاعت تطوير برنامجها النووي وكسرت قاعدة الصبر الإستراتيجي مع إسرائيل، والأردن الذي يعيش خوفه مما قاله ترامب أثناء دعايته الإنتخابية بأن إسرائيل تحتاج إلى توسيع حدودها ،وهذا فيه إشارة واضحة للاردن كمكان طبيعي للتوسع .
ولا ننسى أن سوريا واليمن والعراق أصبحت جميعا تشكل عمقا إستراتيجيا لإيران ومصالحها في المنطقة ،وكل هذه كانت ثمار الإدارات الأمريكية المتعاقبة وخصوصا في فترة ترامب الأولى.
أمريكا هي الجرح العميق الغائر في جسد المنطقة العربية والأمة الإسلامية .
سيجد ترامب أن دول المنطقة قامت بإعادة بناء مصالحها في المنطقة.
وبالتالي لن يكون لهوية الساكن الجديد للبيت الأبيض تأثير كبير
إلا بما يخدم اهداف الدول مع الحذر الشديد في التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
06/11/2024 15:29