نعم تصافح الأعداء في باحة البيت الأبيض ، وكل واحد منهم يحمل اجندته الخاصة .

في ظلال أوسلو وعند قراءة ما تم نشره من وثائقها، نجد أن منظمة التحرير الفلسطينية وقعت على قرار تصفية وجودها ، مقابل سلطة فلسطينية تقوم بأداء وظائف خدماتية، شأنها في ذلك شأن روابط القرى التي كانت تؤدي تقريبا نفس الوظيفة ، والتي كانت متهمة حتى من منظمة التحرير الفلسطينية ، بأنها روابط عميلة للإحتلال .

ما تغير هو التسميات التي تداعب شهوات القيادة الفلسطينية في إيجاد كيان فلسطيني ما ، حتى ولو كان تحت مسمى السلطة الفلسطينية ، عوضا عن الدولة الفلسطينية ، وحتى لو كانت ضمن مّسمى غزة وأريحا اولا ، ثم تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة عن بعضها البعض وتحمل إشارات رمزية هي ABC ، وكلها ومهما كانت قوة تحكم السلطة الفلسطينية في مجرياتها ، تخضع للأمن الإسرائيلي وتعليمات مؤسسات أمنية مثل الشاباك والموساد، اللذان يقرران مدى حرية السلطة في العمل ، وفق تنسيق أمني تم إعتماده في اتفاقية أوسلو المشؤومة. 

الآن إسرائيل تقول بأن وجود السلطة شكل عليها ضغطا دوليا وخصوصا من الولايات المتحدة ، بعدم الضغط على السلطة الفلسطينية ، وعدم إضعافها سياسيا وإقتصاديا، حتى تستطيع أن تقوم بمهماتها الأمنية لصالح إسرائيل.

إسرائيل تعترف أن وجود السلطة قد خفف عنها الأعباء الخدماتية التي كانت تقوم بها كدولة إحتلال وهي وظائف منصوص عليها في وثائق الأمم المتحدة بحق المناطق المحتلة أن تحصل على الخدمات التي يتمتع بها، من هو ليس تحت الإحتلال 

وبالرغم من ذلك فالحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة ، بقيادة النتن ياهو وبن جفير وسموترتش ، ترى أن إتفاقية أوسلو لم تلبي حاجات إسرائيل السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل كامل ، وانها تشكل عبئا من كل الاتجاهات، ويشكل وجود السلطة خسائر جيوإقتصادية ، وجيوسياسية وجيو أمنية، وبالرغم من ذلك لا يوجد بديل انظف مما هو موجود ، يقوم بتنفيذ الواجبات الوظيفية كما تفعل السلطة الفلسطينية الآن ، لذلك لا بد وبدعم أمريكي عالي المستوى ، من تقوية السلطة بقيادة أبومازن الذي إقترب من التسعين عاما ، والتجاوز عن أخطائه التي تجري في غالبها رغم ارادته ، وحتى رغم إرادة القائمين على السلطة والمتنطحين لاستلام دفة الأمور بعد أبومازن.

لكن في المقابل الخسارة الأكبر كانت للشعب الفلسطيني ، الذي اخذ يصحو على النتائج الكارثية لإتفاقية أوسلو ، حيث إستباحة الأرض الفلسطينية من أقصاها إلى أقصاها ، من بناء للمستوطنات بشكل مسعور ، وتطويق الضفة الغربية بالطرق الإلتفافية والتي تقع تحت إشراف المستوطنين والمدعومين بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية جيشا وشرطة ومخابرات وأجهزة حكم ،و يتحكم فيها غلاة المتطرفين من أمثال بن غفير وسموترتش ، اللذان إستلما جزءا مهما من الأمن في الضفة الغربية ، تحت مسمى حماية المستوطنات من الإرهاب الفلسطيني ، بالإضافة إلى المؤسسة الأمنية الفلسطينية التي تنفذ واجباتها في التنسيق الأمني مع الأمن الإسرائيلي.
 
كذلك إستباحة الكرامة الفلسطينية ليل نهار وذلك بإقتحام المدن والقرى حرقا وقتلا وتدميرا للحجر والشجر ، دون حتى اي إحترام للبنود الظالمة ولا لإستقلالية المناطق التي فرضوها على منظمة التحرير في الاتفاقية المشؤومة.

وصولا إلى نهب المياه الجوفية والثروات في باطن الأرض وعدم إحترام حرية الإنسان في العمل والتنقل والتعلم وإبداء الرأي، بل انه حتى لا يستطيع أعضاء القيادة الفلسطينية التنقل دون موافقة أمنية إسرائيلية عليها ، وربما يحتاج هؤلاء لتدخل مصر أو الأردن أو قطر وربما أمريكا. للسماح لهم بالسفر .

وهناك اهم قضية لدى الشعب الفلسطيني ، وهي القدس التي أصبحت مشاعا لقطعان المستوطنين ، والذين بمساعدة الحكومة الإسرائيلية يعملون على تقسيم الحرم القدسي مكانا وزمانا كما حدث في الحرم الإبراهيمي ، والإستيلاء على بيوت المقدسيين بحجج واهية ، وإسكان المستوطنين في هذه البيوت ، والتضييق عليهم في الدخول الى الحرم القدسي وحتى داخل أسوار القدس القديمة ، في إنتهاك صارخ لكل ما يسمى مواثيق الأمم المتحدة في الحفاظ على حرية الأديان وعدم المساس بالأماكن المقدسة ، وكذلك بالرغم من الوصاية الهاشمية على المقدسات ، وما ما جاء في اتفاقية مصافحة الأيدي .

 كما تم الإخلال بكل ما أتفق عليه فيما يتعلق بالأسرى وإطلاق سراحهم كبادرة حسن نية ، حيث تم إعادة اعتقال من أطلق سراحهم أو قتلهم ، والزج بكل من تقع عليه ايديهم بالشبهة داخل الزنازين،وعدم إحترام عمر المعتقل أو جنسه ذكرا كان ام أنثى، وعدم مراعاة حق الطفولة واستمرار توقيفهم في المعتقل حتى يبلغ أحدهم السن القانوني للمحاكمة ثم يتم إصدار الأحكام الظالمة ، وحتى هذه اللحظة يجتهد بن غفير في التضييق على المعتقلين وطلب منع الزيارات إلا كل شهرين مرة ، ولولا تدخل القيادات الأمنية الإسرائيلية في الشاباك والموساد وضباط الأمن المسؤولين عن السجون ، وطرح خطورة هذا الأمر على الأمن القومي الإسرائيلي وفي كل الجبهات وتأخير هذا القرار حتى يتم دراسته أمنيا لكانت السجون مشتعلة الآن وكذلك الشارع في كل الأماكن .

في نتيجة الأمر لا بد من غسل الأيادي مما حملته من حبر العار والخزي ، وإعادة الأيادي المتوضأة بالكرامة والعزة والشهامة والبطولة والتضحية والفداء والاحتساب والإيثار. 

هذه الأيدي هي من ستصنع الأمل وتحقق المنشود وتصنع الوجود المفقود بخيانة المتخاذلين والعملاء 
وعندئذٍ ربما تكون المصافحة في البيت المقدس عوضا عن البيت الأبيض ، وبشروط المنتصرين وليس بشروط المهزومين. 

وإنّ غدا لناظره قريب 
فاستبشروا خيرا 
لاغالب إلا الله