دراسة : تختلف العوامل المسببة للسمنة بين الرجال والنساء

فقد قام الباحثون باتباع أسلوب مراجعة الأقران (peer-reviewed journal) الذي يعرّف بأنه تقييم العمل من قِبل شخص أو أكثر من ذوي الكفاءة المماثلة، وذلك من أجل التوصل إلى نتائجهم، كما جمع الفريق بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي، ومعلومات سريرية، والتاريخ الشخصي للأشخاص الذين يعانون من السمنة؛ ليتمكنوا من تحديد آليات عمل الدماغ الخاصة بالجنس والتي تتعلق بالسمنة.

كما أشارت الدكتورة أربانا جوبتا (Ariana Gupta)، الباحثة في UCLA والمؤلفة الرئيسية للدراسة إلى وجود بعض الاختلافات في الشبكات العصبية للدماغ، والتي ترتبط بالعديد من الأمور، مثل: التعرض لصدمات الطفولة، والصحة العقلية، والتجارب الحسية التي مرّوا بها، وأضافت قائلة: "أن استخدام بصمات الدماغ وتحليلها باستخدام التصوير الرنين المغناطيسي قد ساهم في مساعدتنا إلى حدٍ كبير في تحديد العوامل التي قد تساهم في الإصابة بالسمنة بناءً على الجنس.

كما أضافت الدكتورة أربانا قائلة: "تعد هذه أول دراسة تعتمد على البيانات للتنبؤ بالعوامل التي تسبب السمنة الخاصة بكلا الجنسين، باستخدام أساليب متعددة لبصمات الدماغ." حيث اعتمدت هذه الدراسة على الأبحاث السابقة التي وضحت معرفة الاختلافات في عوامل السمنة داخل الدماغ حسب الجنس، وكشفت أن الأكل العاطفي له دورًا مهم في الإصابة بالسمنة لدى النساء، بينما يتأثر سلوك الأكل لدى الرجال عند شعورهم بعدم الارتياح، أو الانزعاج في البطن والأمعاء.

ومن الجدير بالذكر أن نتائج هذه الدراسة تدعم الأبحاث السابقة وتؤكدها؛ وذلك لأن التصوير بالرنين المغناطيسي يعد دليلًا لإثبات الاختلافات في كلٍّ من بنية، ووظيفة، وتواصل الدماغ، مما ساعد الباحثون على فهم السلوكيات المرتبطة بالسمنة بشكل أفضل. فمثلًا تشير بعض التغييرات في شبكة الدماغ إلى أن النساء ذوات مؤشر كتلة الجسم المرتفع (BMI) هن أكثر عرضة لخطر الإصابة بالشره الشديد، وإدمان الطعام مقارنةً بالرجال، كما أنهن أكثر انجذابًا إلى الأطعمة المصنعة.

وبناءً على ما سبق تقول الدكتورة أربانا جوبتا: "يجب التركيز على أساليب التنظيم الانفعالي، وعلى نقاط الضعف عند وضع خطط لعلاج السمنة للإناث ذات مؤشر كتلة الجسم المرتفع."

تم إجراء هذه الدراسة في مركز (G. Oppenheimer Family Center for Neurobiology of Stress and Resilience, Ingestive Behavior and Obesity Program) التابع ل(UCLA)، والتي شملت 183 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 18 -55 عامًا، وكان تقسيمهم كالآتي:

42 من الذكور بمؤشر كتلة جسم طبيعي.

23 من الذكور بمؤشر كتلة جسم مرتفع.

63 من الإناث بمؤشر كتلة جسم طبيعي.

55 من الإناث بمؤشر كتلة جسم مرتفع.

وقام المشاركون جميعهم بملء مجموعة من الاستبيانات التي تتعلق بتاريخهم الطبي للإصابة بالقلق، والاكتئاب، والحساسية المعوية، وإدمان الطعام، وأمراض الأمعاء، والصفات الشخصية، وصدمات الطفولة، والعديد من العوامل الأخرى.

حيث خضع كل مشارك منهم لثلاث عمليات مسح للدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، وذلك من أجل التمكن من تقييم كل من بنية ووظيفة وتواصل الدماغ لديهم، وتم بعد ذلك تحليل كل من عمليات المسح هذه إلى جانب المعلومات السريرية للاستبيان السابق باستخدام أداة تحليلية معينة لتحديد الاختلافات المحتملة بين هذه البيانات وللتنبؤ بالنتيجة النهائية للدراسة.

وأظهرت نتائج هذه الدراسة وجود بعض التغييرات في شبكة الدماغ التي ترتبط بشكل مباشر بارتفاع مؤشر كتلة الجسم بغض النظر عن جنس المشارك، واستطاعت الدراسة تحديد بعض مناطق الدماغ التي تعرضت لبعض التغييرات نتيجة تعرض الإناث لصدمة ما في مرحلة الطفولة.

وهذه النتائج تناسبت تناسبًا طرديًا مع ما تم استنتاجه في السابق بأن الإناث اللاتي يعانين من السمنة هن الأكثر عرضة للإصابة بالقلق وبعض الاضطرابات الحسية الأخرى، وأنهنّ أقل مرونة وذلك بالمقارنة مع الذكور، إلى جانب ذلك تبين أن الإناث أكثر تأثرًا لرؤية، ورائحة، وطعم الأطعمة المعالجة.

لكن يجب الانتباه، فقد أكد مؤلفو الدراسة وقالوا:" بأن هذه الدراسة تحدد الروابط والعلاقات المتعلقة بالسمنة، ولا تحدد الأسباب والنتائج؛ لذلك هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت تغيرات الدماغ هي سبب للإصابة بالسمنة، أو أن هذه التغيرات تحدث نتيجة الإصابة بالسمنة."

كما أضافوا "على الرغم من أن سبب الإصابة بالسمنة غير معروف، إلا أن هناك علاقة واضحة بين العلامات السريرية، مثل: القلق والاكتئاب، والسمنة، وبين الأعصاب والتي تشير إلى أهمية الاتصال الثنائي الميكانيكي بين الأمعاء والدماغ".