لم تخضب والدة الشهيد عيسى القطري (22 عاما) يدي ابنها بالحناء بعد، كانت تجهز لزفه عريسا في مثل هذا اليوم، تحول فرحهم حزنا، فالورود التي علقتها في منزلها تحضيرا لزفاف نجلها جفت وتساقطت بتلاتها.

لم تجد والدة الشهيد الكلمات التي تسكت وجعها وألمها بفقدان ابنها، كانت الصدمة اكبر من أي كلمة، فلم تجد سوى الدموع التي انهمرت على وجنيتها وهي تودع فلذة كبدها.

كانت آخر منشوارته على صفحته الاجتماعية تعبر عن فرحه بتجهيزات عرسه التي شارف على الانتهاء منها، عيسى القطري ارتقى إلى بارئه صباح هذا اليوم في مخيم الامعري جنوب مدينة رام الله بعد إصابته برصاصة مباشرة بالقلب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي اقتحمت المخيم وقامت بعملية اعتقالات هناك.

وذكرت خطبته سماح التي جلست بالقرب من والدته مصدومة " كان دوما يحدثني عن الشهادة، أنهينا استعدادات حفل الزفاف، أمس كنا معا لم يسمح لي بزيارة بيت خالي، وقال لها انه يريد أن يكون معها لأطول وقت ممكن".
مخيم الامعري | عيسى القطري ... العريس الشهيد ...يقول جد الشهيد " لقد فوجئنا بسماع نبأ استشهاد عيسى، لم يكن يتواجد خلال المواجهات، كان يقف ويراقب الجيش خلال اعتقالهم لأحد الشبان بالمخيم، كانت المسافة بينه وبين قوات الاحتلال أكثر من 400 مترا، عندما أصيب برصاص قناص بالقلب مباشرة في الجهة اليسرى، توفي على الفور بسببها".

ويسرد جد الشهيد بألم وحسرة فقدان حفيده "حفيدي يحمل اسمي، كأن جزء مني مات، لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعمل الوكيل" كانت تلك الكلمات التي كان يرددها جده في كل مرة.

مضيفا " كانت الساعة الرابعة والنصف فجرا عندما أصيب عيسى، حاولت قوات الاحتلال اعتقاله بعد إصابته، واقتياده إلى الجيب، إلا أن شباب المخيم كانوا لهم بالمرصاد، وقاموا بحمله إلى احد البيوت قبل نقله إلى المشفى، حيث وصل هناك وقد فارق الحياة".

"عندما سمعنا بالخبر ركض والديه نحو غرفته لتفقد وجوده بالمنزل ظنا منهم انه هناك، إلا أنهم لم يجدوه، فكان وقع الخبر عليهم صدمة كبيرة" كما أشار جده.

يذكر ان الشهيد كان من المقرر موعد زفافه اليوم قبل أن تم تأجيله لموعد آخر نهاية الشهر بسبب استشهاد ابن عمه الشهر الماضي محمد القطري خلال مواجهات أمام مستعمرة "بسغوت" شرق مدينة البيرة.

وكان الشهيد عيسى كتب على صفحته على "الفيسبوك" بعد استشهاد ابن عمه " كل ساعة أسير وكل يوم شهيد واليوم ابن شعفاط وبكرا .... ابن مين"، لم يعلم أن رصاص الاحتلال اختاره هذه المرة وكان دوره.

وكان جد الشهيد شاهده قبل استشهاده بساعات، وذكر انه كان قد قام بإيصال خطيبته لمنزلها برفقة شقيقته، بعدها قام بشراء البوظة لوالديه، كان سعيد ومبتسم كما أشار والديه.

يتغير صوت جده وهو يتحدث، وبحزن كبير يقول " هذا أمر الله، والمكتوب رح يصير ما في منو مفر، ربنا يتقبله شهيد، ويصبر عائلته، ويصبرنا على فراقه".

وتسود الضفة الغربية أجواء من الغضب بسبب ممارسات الاحتلال، حيث استشهد أمس الأسير رائد الجعبري من الخليل داخل مستشفى "سوركا" ببئر السبع، وأعلن الأسرى في السجون كافة الإضراب العام، كما أعلنت رام الله الإضراب حدادا على شهيد الامعري واحتجاجا على استشهاد الأسير الجعبري.

وكان الاحتلال ادعى أن الشهيد الجعبري انتحر، وهو ما نفاه ذوو الشهيد، وأكد مراقبون وحقوقيون فلسطينيون انه استشهد اثر التعذيب الشديد داخل السجون الإسرائيلية.