لا شك أن شكل العلاقة بين الأم وابنتها من القضايا التربوية التي تشغل بال الأمهات، فبين حنان الأمومة الغامر وخوف الأم على ابنتها، وما تمنحه الأمومة من سلطة التوجيه والضبط، وبين بحبوحة الصداقة وسمتها المغمور بالود إلى جانب مساحة البوْح والمصارحة، وما قد تزيله من حواجز يلزم الأم استمرارها حتى تستطيع القيام بدورها كأم..

تتراوح رؤية الأم ومحاولاتها لبلورة وصياغة شكل علاقتها بابنتها، وتبلغ هذه الحيرة قمتها إذا كانت الابنة في مرحلة المراهقة، خاصة إذا كانت من ذوات الشخصية المستقلة، أو المتمردة أحيانا..!



تختلف صياغة العلاقة بين الأم وابنتها في قالب الصداقة عن مجرد المشاعر الفطرية بالحب والحنان والتي تتدفق تلقائياً من قلب الأم تجاه أبنائها، بل لذلك خطوات ومحاور على الأم أن تركز فيها وتهتم بتطبيقها.. وإليك - عزيزتي الأم - ..أهم النقاط التي تمهد الطريق لصداقة ناجحة بينك وبين ابنتك:

- عامليها باحترام وتقدير:

فالاحترام ومنح الاعتبار ضروريان في إشعار المراهِقة بالقبول والذي يعد مطلباً نفسياً هاماً لا تستغن عنه الفتاة؛ فهي ترفض أن تكون منبوذة أو مكروهة من والديها، أو تعامل معاملة الأطفال، هذه المعاملة تجعلها تشعر بالدونية والامتهان، وتؤدي إلى تكوين حاجز نفسي بينها وبين والديها؛ ومن ثم لا يستطيعان التأثير فيها بسهولة حيث لا تقبل توجيهاتهم لها بحال. (حنان الطوري:دور الوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة،ص:241) 

-اجعلي لها نصيباً من وقتك واهتمامك:


يحذر علماء النفس الأم من انشغالها عن الأبناء، لأن تواجد الأم بين أبنائها يمنحهم الأمان النفسي، ويشعرهم بالاستقرار، وتحتاج الفتاة إلى وجود أمها بجوارها لوقت كافٍ على مدار اليوم والليلة، حتى يتحقق التواصل الفعلي بينهما، فدوام الرؤية تمكن الأم من إظهار الاهتمام لابنتها ومتابعة أخبارها ومساعدتها في شئون دراستها، ومشاركتها في الاهتمامات وغيرها..فلا تقوم الصداقة بغير هذا التواصل والاهتمام والمشاركة بين الأصدقاء. 

- شاوريها واستشيريها:

من العوامل الهامة لكي تكسب الأم ود ابنتها تبادل الرأي والمشورة بينهما، فتقدم الأم لابنتها الخبرات التي تعدها أمًا للمستقبل ويجب أن تتعرف الأم علي صديقات ابنتها وأسرهن وتعطي للابنة قدرًا من حرية الاختيار وإذا حدث خلاف تتناقش معها بود وتقنعها بأسلوب منطقي وتشركها معها في الأعمال المنزلية وتشاركها في هوايتها. 

- عوديها على المصارحة والوضوح:

ينبغي أن تعتمد الأم منهج الصراحة والمكاشفة مع ابنتها، على أن تكون مستودعًا لأسرارها،  وتراقبها بدون أن تشعرها بذلك وإن وجدت خطأ فيمكن معالجته بطريقة الإيحاء غير المباشر أو بضرب المثل والقدوة، كما تقدم الأم لابنتها الخبرات التي تعدها أمًا للمستقبل، ومن الأفضل أن تتعرف الأم علي صديقات ابنتها وأسرهن وتعطي للابنة قدرًا من حرية الاختيار، وإذا حدث خلاف تتناقش معها بود وتقنعها بأسلوب منطقي دون ضغط أو إجبار.

- اعتمدي أسلوب الحوار والإقناع:

فقد أكدت الدراسات العلمية أنّ أكثر من 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي تأتي كنتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آراؤهم وعاداتهم، ومن ثمّ يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم معرفة رأي أبنائهم في مشكلاتهم، أو أنهم لا يهمهم معرفة مشكلات أبنائهم من الأساس . (عاطف أبو العيد، عواصف المراهقة..كيف تعبرها إلى شاطيء الأمان؟،ص:35)

اعتدلي بين الشدة واللين في معاملتها:

العاطفة المقترنة بالحزم أنسب إطار لإنجاح دور الأم نحو ابنتها المراهقة؛ فالأم الفطنة هي التي تعرف كيف توازن بين الرقة حيناً.. والشدة حيناً..وبينهما وعي الأم وقراءتها المدققة لفترة المراهقة ومخاطرها.. بعيداً عن التأرجح بين الشدة واللين، إما حرية وتسامح لا حدود لهما، وإما قسوة وشدة لا رحمة فيهما..! (خيراً عد.محمد فتحي: من مذكرات مراهقة،ص:50)