كلّما هبت زوبعة من الغبار الفارغ على المشهد السياسي الاسرائيلي، وكانت مدينة ام الفحم في مركزها، يخرج صغار السياسيين من جحورهم ليبداوا بالنعاق التحريضي ضد المدينة واهلها، ويجترّون الشعارات والتصريحات المكررة واهمها طرح فكرة الاستبدال مجددًا ما بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.

هذا الاسبوع، وبعد تشييع جثمان الشاب احمد محاميد، اطلّت هذه الابواق مرة اخرى، يتقدمها ويقف على راسها الكثير من القادة الاسرائيليين كليبرمان، اردان والصبيّ حزان.

هجمة متوقعة ويرافقها كالمعتاد، الاعلام العبري الموجه والمجند بشكل واضح، والذي كلما طفا اسم ام الفحم على مسرح الاحداث وخاصة الامنية منها، يجد ارضًا خصبّة له ل"يبدع" بتغطيته وتحليله للحدث بتحريض علنيّ وغير مباشر ايضًا، ويتعمد بذلك تلطيخ اسم المدينة بالصبغة السلبية والمعادية، ويحرص على تمرير موقف المؤسسة العدائي بشكل عام.
الاعلام الاسرائيلي لا يتعامل مع المجتمع العربي بشكل عام وام الفحم بشكل خاص بموضوعية ومهنية وانما تتنافس وسائل الاعلام هذه فيما بينها من يغرز سكينه بالضحية المتهمة اكثر عمقًا، ولا يتردد بالرقص على دماء المواطنين العزل، ولا يفكر مرتين بل يسارع باصدار الحكم وصبغ عشرات الاف المواطنين بصفة "الارهاب" نتيجة عملٍ فرديِ ويتناسى ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته. 

عائلة المرحوم احمد محاميد اكدت للقاصي والداني وعبر وسائل الاعلام انه كان يعاني من اضطرابات نفسية ولكن وسائل الاعلام تجاهلت هذه الحقيقة ليس الآ لان المتهم عربي علمًا انها تتعامل مع حوادث مشابهة يتورط فيها يهودًا ضد هدف عربي بتأنٍ وتروٍ ولا تتردد باظهار المتهم على انه يعاني من اضطرابات نفسية وحتى انهم يقفون الى جانبهم، ومن منا لا يذكر اليهودي الذي اشعل النار بالمسجد الاقصى وكيف اظهروا انه " مجنونًا" لا يتحمل مسؤولية عمله.

هذه الهجمة المسعورة لا يمكن مواجهتها الا بمثلها اي اتباع السبل الديموقراطية المتاحة، وعلى السلطة المحلية الوقوف بثبات وحزم امام الهجمة الإعلامية والسياسية للشرسة، والرد على حملة التحريض بحملة واسعة النطاق. وعلى السلطة المحلية ان تعرف ان هذه الحالة تُعَرّف في لغة الاعلام بالأزمة، وبما أنها هي الجهة العليا المسؤولة عن الدفاع عن مواطني المدينة وحمايتهم، فلا ضرر ولا ضرار لو اقدمت على اقامة غرفة طوارئ والاستعانة بمختصين لمواجهة هذا الحالة اعلاميًا وحماية المدينة ومواطنيها من "وساخة" وسائل الإعلام، والخروج من الازمة مع اقل خسائر قدر الامكان..

سعيد بدران 1905